ولا أمضى عزيمة (1) ولكني أرى غير ما رأيتم، وما أردت بما فعلت إلا حقن الدماء فارضوا بقضاء الله، وسلموا لأمره، والزموا بيوتكم وأمسكوا.
أو قال: كفوا أيديكم حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، وهذا كلام منه عليه السلام يشفي الصدور، ويذهب بكل شبهة في هذا الباب.
وقد روي أنه عليه السلام لما طالبه معاوية بأن يتكلم على الناس، ويعلمهم ما عنده في هذا الباب، قام فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال: إن أكيس الكيس التقى، وأحمق الحمق الفجور، أيها الناس إنكم لو طلبتم بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله صلى الله عليه وآله ما وجدتموه غيري، وغير أخي الحسين، وإن الله قد هداكم بأولياء محمد صلى الله عليه وآله (2) وإن معاوية نازعني حقا هو لي، فتركته لصلاح الأمة وحقن دمائها، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، فقد رأيت أن أسالمه ورأيت أن ما حقن الدماء خير مما سفكها، وأردت صلاحكم، وأن يكون ما صنعت حجة على من كان يتمنى هذا الأمر، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.
وكلامه عليه السلام في هذا الباب الذي يصرح في جميعه بأنه مغلوب مقهور ملجأ إلى التسليم، ودافع بالمسالمة الضرر العظيم عن الدين والمسلمين، أشهر من الشمس وأجلى من الصبح، فأما قول السائل " إنه خلع نفسه من الإمامة " فمعاذ الله لأن الإمامة بعد حصولها للامام لا يخرج عنه بقوله، وعند أكثر مخالفينا أيضا في الإمامة أن خلع الامام نفسه لا يؤثر في خروجه من الإمامة، وإنما ينخلع من الإمامة عندهم بالأحداث والكبائر، ولو كان خلعه في نفسه مؤثرا لكان إنما يؤثر إذا وقع اختيارا فأما مع الالجاء والاكراه فلا تأثير له، ولو كان مؤثرا في موضع