فأخذ الحسين عليه السلام بطرف لحيته وهو يومئذ ابن سبع وخمسين سنة ثم قال:
اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا: عزيز ابن الله، واشتد غضب الله على النصارى حين قالوا: المسيح ابن الله، واشتد غضب الله على المجوس حين عبدوا النار من دون الله، واشتد غضب الله على قوم قتلوا نبيهم، واشتد غضب الله على هذه العصابة الذين يريدون قتلي: ابن نبيهم. (1) قال: فضرب الحر بن يزيد، فرسه، وجاز عسكر عمر بن سعد إلى عسكر الحسين عليه السلام واضعا يده على رأسه وهو يقول: اللهم إليك أنيب فتب علي فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك، يا ابن رسول الله هل لي من توبة؟ قال: نعم تاب الله عليك، قال: يا ابن رسول الله ائذن لي فأقاتل عنك فأذن له فبرز وهو يقول:
أضرب في أعناقكم بالسيف عن خير من حل بلاد الخيف فقتل منهم ثمانية عشر رجلا ثم قتل، فأتاه الحسين عليه السلام ودمه يشخب، فقال: بخ بخ! يا حر أنت حر كما سميت في الدنيا والآخرة ثم أنشأ الحسين يقول:
لنعم الحر: حر بني رياح * ونعم الحر مختلف الرماح (2) ونعم الحر إذ نادى حسينا * فجاد بنفسه عند الصباح ثم برز من بعده زهير بن القين البجلي وهو يقول مخاطبا للحسين عليه السلام:
اليوم نلقى جدك النبيا * وحسنا والمرتضى عليا فقتل منهم تسعة عشر رجلا ثم صرع وهو يقول:
أنا زهير وأنا ابن القين * إذ بكم بالسيف عن حسين ثم برز من بعده حبيب بن مظهر الأسدي وهو يقول:
أنا حبيب وأبي مطهر (3) لنحن أزكى منكم وأطهر * ننصر خير الناس حين يذكر