إنشاء الله، وبلغني أنك شمت بما لم يشمت به ذو حجى، وإنما مثلك في ذلك كما قال الأول:
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تزود لأخرى مثلها فكأن قد فانا ومن قد مات منا لكالذي يروح فيمسي في المبيت ليغتدي فأجابه معاوية عن كتابه بما لا حاجة لنا إلى ذكره، وكان بين الحسن عليه السلام وبينه بعد ذلك مكاتبات ومراسلات، واحتجاجات للحسن عليه السلام في استحقاقه الأمر وتوثب من تقدم على أبيه عليه السلام وابتزازهم سلطان ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وتحققهم به دونه، أشياء يطول ذكرها.
وسار معاوية نحو العراق ليغلب عليه، فلما بلغ جسر منبج (1) تحرك الحسن عليه السلام وبعث حجر بن عدي يأمر العمال بالمسير، واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه، ثم خفوا [و] معه أخلاط من الناس بعضهم شيعة له ولأبيه، وبعضهم محكمة (2) يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة، وبعضهم أصحاب فتن وطمع في الغنائم وبعضهم شكاك، وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم لا يرجعون إلى دين.
فسار حتى أتى حمام عمر، ثم أخذ على دير كعب، فنزل ساباط دون القنطرة وبات هناك.
فلما أصبح أراد عليه السلام أن يمتحن أصحابه، ويستبرئ أحوالهم له في الطاعة ليتميز بذلك أولياؤه من أعدائه، ويكون على بصيرة من لقاء معاوية وأهل الشام فأمر أن ينادي في الناس بالصلاة جامعة، فاجتمعوا فصعد المنبر فخطبهم فقال:
الحمد لله كلما حمده حامد، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق [بشيرا] وائتمنه على الوحي صلى الله عليه وآله.
أما بعد فاني والله لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا أنصح خلق