" اللهم إني لا أعرف أهل بيت أبر ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي ولا أصحابا هم خير من أصحابي وقد نزل بي ما قد ترون، وأنتم في حل من بيعتي، ليست لي في أعناقكم بيعة، ولا لي عليكم ذمة، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا (1) وتفرقوا في سواده، فان القوم إنما يطلبوني، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري.
فقام إليه عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا ابن رسول الله ماذا يقول لنا الناس إن نحن خذلنا شيخنا وكبيرنا وسيدنا وابن سيد الأعمام وابن نبينا سيد الأنبياء، لم نضرب معه بسيف، ولم نقاتل معه برمح، لا والله أو نرد موردك، ونجعل أنفسنا دون نفسك، ودماءنا دون دمك، فإذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا، وخرجنا مما لزمنا.
وقام إليه رجل يقال له زهير بن القين البجلي فقال: يا ابن رسول الله وددت أني قتلت ثم نشرت، ثم قتلت ثم نشرت، ثم قتلت ثم نشرت فيك وفي الذين معك مائة قتلة، وأن الله دفع بي عنكم أهل البيت، فقال له ولأصحابه: جزيتم خيرا.
ثم إن الحسين عليه السلام أمر بحفيرة فحفرت حول عسكره شبه الخندق، وأمر فحشيت حطبا وأرسل عليا ابنه عليه السلام في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ليستقوا الماء وهم على وجل شديد وأنشأ الحسين يقول:
يا دهر أف لك من خليل * كم لك في الاشراق والأصيل من طالب وصاحب قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل وإنما الأمر إلى الجليل * وكل حي سالك سبيلي ثم قال لإصحابه: قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم، وتوضأوا