عياله وأهله، ولا بد من أن يكون قد أخرج منها إلى المستحقين حقوقهم، وكيف يظهر ذلك وهو عليه السلام كان قاصدا إلى إخفائه وستره لمكان التقية، والمحوج له عليه السلام إلى قبول تلك الأموال على سبيل الصلة، هو المحوج له إلى ستر اخراجها أو اخراج بعضها إلى مستحقيها من المسلمين، وقد كان عليه وآله السلام يتصدق بكثير من أمواله، ويواسي الفقراء، ويصل المحتاجين، ولعل في جملة ذلك هذه الحقوق.
فأما إظهار موالاته فما أظهر عليه السلام من ذلك شيئا كما لم يبطنه، وكلامه عليه السلام فيه بمشهد معاوية ومغيبه معروف ظاهر، ولو فعل ذلك خوفا واستصلاحا وتلافيا للشر العظيم، لكان واجبا، فقد فعل أبوه صلوات الله عليه وآله مثله، مع المتقدمين عليه.
وأعجب من هذا كله دعوى القول بإمامته، ومعلوم ضرورة منه عليه السلام خلاف ذلك، فإنه كان يعتقد ويصرح بأن معاوية لا يصلح أن يكون بعض ولاة الامام وأتباعه، فضلا عن الإمامة نفسها.
وليس يظن مثل هذه الأمور إلا عامي حشوي قد قعد به التقليد، وما سبق إلى اعتقاده من تصويب القوم كلهم عن التأمل وسماع الأخبار المأثورة في هذا الباب، فهو لا يسمع إلا ما يوافقه، وإذا سمع لم يصدق إلا بما أعجبه والله المستعان، انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وأقول: بعد ما أسسناه في كتاب الإمامة بالدلائل العقلية والنقلية أنهم عليهم السلام لا يفعلون شيئا إلا بما وصل إليهم من الله تعالى، وبعد ما قرع سمعك في تلك الأبواب من الأخبار الدالة على وجه الحكمة في خصوص ما فعله عليه السلام، لا أظنك تحتاج إلى بسط القول في ذلك، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.