ينتظرونه أن يخرج فيصلي بهم فلم يخرج حتى أصبحوا فطلبوه فلم يجدوه، فصلى بهم قيس بن سعد بن عبادة، ثم خطبهم فثبتهم، وذكر عبيد الله فنال منه ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدو، فأجابوه بالطاعة، وقالوا له: انهض بنا إلى عدونا على اسم الله، فنهض بهم.
وخرج إليهم بسر بن أرطاة فصاحوا إلى أهل العراق: ويحكم هذا أميركم عندنا قد بايع، وإمامكم الحسن قد صالح، فعلام تقتلون أنفسكم؟ فقال لهم قيس ابن سعد: اختاروا إحدى اثنين إما القتال مع غير إمام، وإما أن تبايعوا بيعة ضلال، قالوا: بل نقاتل بلا إمام، فخرجوا فضربوا أهل الشام حتى ردوهم إلى مصافهم.
وكتب معاوية إلى قيس بن سعد يدعوه ويمنيه، فكتب إليه قيس: لا والله لا تلقاني أبدا إلا بيني وبينك الرمح، فكتب إليه معاوية لما يئس منه: أما بعد فإنك يهودي ابن يهودي تشقي نفسك وتقتلها فيما ليس لك، فان ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وعزلك، وإن ظهر أبغضهما إليك نكل بك وقتلك، وقد كان أبوك أوتر غير قوسه، ورمى غير غرضه، فخذله قومه، وأدركه يومه، فمات بحوران طريدا غريبا والسلام.
فكتب إليه قيس بن سعد أما بعد فإنما أنت وثن ابن وثن، دخلت في الاسلام كرها، وأقمت فيه فرقا، وخرجت منه طوعا، ولم يجعل الله لك فيه نصيبا، لم يقدم إسلامك، ولم يحدث نفاقك، ولم تزل حربا لله ولرسوله، وحزبا من أحزاب المشركين، وعدو الله ونبيه، والمؤمنين من عباده، وذكرت أبي فلعمري ما أو تر إلا قوسه، ولا رمى إلا غرضه، فشغب عليه من لا يشق غباره، ولا يبلغ كعبه وزعمت أني يهودي ابن يهودي، وقد علمت وعلم الناس أني وأبي أعداء الدين الذي خرجت منه، وأنصار الدين الذي دخلت فيه وصرت إليه، والسلام.
فلما قرأ معاوية كتابه غاظه وأراد إجابته، فقال له عمرو: مهلا فإنك إن كاتبته أجابك بأشد من هذا، وإن تركته دخل فيما دخل فيه الناس، فأمسك عنه وبعث معاوية عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة إلى الحسن عليه السلام للصلح فدعواه