إن علي بن الحسين كان سيد العابدين، وإماما وحجة على الخلق بعد آبائه الماضين، ولكنه لم يلق رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يسمع منه، وكان علمه وراثة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله، وكان أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام قد شاهدهم الناس مع رسول الله صلى الله عليه وآله في أحوال تتوالى، فكانوا متى نظروا إلى أحد منهم تذكروا حاله من رسول الله صلى الله عليه وآله وقول رسول الله صلى الله عليه وآله له وفيه، فلما مضوا فقد الناس مشاهدة الأكرمين على الله عز وجل، ولم يكن في أحد منهم فقد جميعهم إلا في فقد الحسين عليه السلام لأنه مضى في آخرهم، فلذلك صار يومه أعظم الأيام مصيبة.
قال عبد الله بن الفضل الهاشمي: فقلت له: يا ابن رسول الله فكيف سمت العامة يوم عاشورا يوم بركة؟ فبكى عليه السلام ثم قال: لما قتل الحسين عليه السلام تقرب الناس بالشام إلى يزيد، فوضعوا له الأخبار وأخذوا عليها الجوائز من الأموال، فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم، وأنه يوم بركة، ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن، إلى الفرح والسرور والتبرك والاستعداد فيه، حكم الله بيننا وبينهم.
قال: ثم قال عليه السلام: يا ابن عم وإن ذلك لأقل ضررا على الاسلام وأهله مما وضعه قوم انتحلوا مودتنا وزعموا أنهم يدينون بموالاتنا ويقولون بإمامتنا: زعموا أن الحسين عليه السلام لم يقتل وأنه شبه للناس أمره كعيسى بن مريم فلا لائمة إذا على بني أمية ولا عتب على زعمهم، يا ابن عم من زعم أن الحسين لم يقتل فقد كذب رسول الله وعليا وكذب من بعده من الأئمة عليهم السلام في إخبارهم بقتله، ومن كذبهم فهو كافر بالله العظيم، ودمه مباح لكل من سمع ذلك منه.
قال عبد الله بن الفضل: فقلت له: يا ابن رسول الله فما تقول في قوم من شيعتك يقولون به؟ فقال عليه السلام: ما هؤلاء من شيعتي، وأنا برئ منهم، قال: فقلت:
فقول الله عز وجل: " ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا