وأما الحسن بن الحسن عليه السلام فكان جليلا رئيسا فاضلا ورعا، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في وقته، و [كان] له مع الحجاج بن يوسف خبر رواه الزبير بن بكار قال: كان الحسن بن الحسن واليا صدقات أمير المؤمنين عليه السلام في عصره فسار يوما الحجاج بن يوسف في موكبه وهو إذ ذاك أمير المدينة فقال له الحجاج: أدخل عمر بن علي معك في صدقة أبيه فإنه عمك وبقية أهلك فقال له الحسن: لا أغير شرط علي عليه السلام ولا ادخل فيه من لم يدخل، فقال الحجاج:
إذا ادخله معك.
فنكص الحسن بن الحسن عليه السلام عنه، حين غفل الحجاج، ثم توجه إلى عبد الملك حتى قدم عليه فوقف ببابه يطلب الاذن، فمر به يحيى بن أم الحكم فلما رآه يحيى عدل إليه وسلم عليه وسأله عن مقدمه وخبره، ثم قال له: سأنفعك عند أمير المؤمنين يعني عبد الملك.
فلما دخل الحسن بن الحسن على عبد الملك رحب به وأحسن مساءلته، وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب ويحيى بن أم الحكم في المجلس، فقال له عبد الملك:
لقد أسرع إليك الشيب يا أبا محمد؟ فقال له يحيى: وما يمنعه لأبي محمد؟ شيبه أماني أهل العراق، تفد عليه الركب يمنونه الخلافة، فأقبل عليه الحسن بن الحسن وقال له:
بئس والله الرفد رفدت، ليس كما قلت، ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب وعبد الملك يسمع.
فأقبل عبد الملك فقال: هلم بما قدمت له! فأخبره بقول الحجاج فقال:
ليس ذلك له أكتب كتابا إليه لا يجاوزه، فكتب إليه، ووصل الحسن بن الحسن وأحسن صلته.
فلما خرج من عنده لقيه يحيى بن أم الحكم فعاتبه الحسن على سوء محضره وقال له: ما هذا الذي وعدتني به؟ فقال له يحيى: إيها عنك، فوالله لا يزال يهابك ولولا هيبتك ما قضى لك حاجة، وما ألوتك رفدا.