للائتمار بما أمر به عنده، كما قال علي عليه السلام: إنه كفر.
فان قال [قائل]: فإن الحسن أخبر بأنه حقن دماء أنت تدعي أن عليا عليه السلام كان مأمورا بإراقتها، والحقن لما أمر الله ورسوله بإراقته من الحاقن عصيان، قلنا:
إن الأمة التي ذكر الحسن عليه السلام أمتان وفرقتان وطائفتان: هالكة وناجية، وباغية ومبغي عليها، فإذا لم يكن حقن دماء المبغي عليها إلا بحقن دماء الباغية، لأنهما إذا اقتتلا وليس للمبغي عليها قوام بإزالة الباغية حقن دم المبغي عليها، وإراقة دم الباغية مع العجز عن ذلك إراقة لدم المبغي عليها لا غير فهذا هذا.
فان قال: فما الباغي عندك؟ أمؤمن أو كافر أولا مؤمن ولا كافر، قلنا: إن الباغي هو الباغي باجماع أهل الصلاة، وسماهم أهل الارجاء مؤمنين مع تسميتهم إياهم بالباغين، وسماهم أهل الوعيد كفارا مشركين وكفارا غير مشركين كالأباضية والزيدية وفساقا خالدين في النار كواصل وعمر، ومنافقين خالدين في الدرك الأسفل من النار كالحسن وأصحابه، فكلهم قد أزال الباغي عما كان [فيه] قبل البغي فأخرجه قوم إلى الكفر والشرك كجميع الخوارج غير الأباضية (1) وإلى الكفر غير الشرك كالأباضية والزيدية، وإلى الفسق والنفاق [كواصل] وأقل ما حكم عليهم أهل الارجاء اسقاطهم من السنن والعدالة والقبول.
فان قال: فان الله عز وجل سمى الباغي مؤمنا فقال عز وجل: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا " (2) فجعلهم مؤمنين، قلنا: لا بد من أن المأمور بالاصلاح بين الطائفتين المقتتلين، كان قبل اقتتالهما عالما بالباغية منهما أولم يكن عالما بالباغية منهما؟ فإن كان عالما بالباغية منهما، كان مأمورا بقتالها مع المبغي عليها حتى تفيئ إلى أمر الله وهو الرجوع إلى ما خرج منه بالبغي، وإن كان المأمور بالاصلاح جاهلا بالباغية والمبغي عليها، فإنه كان جاهلا بالمؤمن غير الباغي والمؤمن الباغي وكان المؤمن غير الباغي عرف بعد التبيين، والفرق بينه وبين الباغي [كان] ظ مجمعا من