وقال السيد رضي الله عنه: روى أبو جعفر الطبري، عن الواقدي وزرارة بن صالح قالا: لقينا الحسين بن علي عليهما السلام قبل خروجه إلى العراق بثلاثة أيام فأخبرناه بهوى الناس بالكوفة، وأن قلوبهم معه، وسيوفهم عليه، فأومأ بيده نحو السماء ففتحت أبواب السماء ونزلت الملائكة عددا لا يحصيهم إلا الله تعالى، فقال عليه السلام:
لولا تقارب الأشياء، وحبوط الأجر لقاتلتهم بهؤلاء، ولكن أعلم يقينا أن هناك مصرعي ومصرع أصحابي، ولا ينجو منهم إلا ولدي علي.
ورويت بالإسناد، عن أحمد بن داود القمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء محمد ابن الحنفية إلى الحسين عليه السلام في الليلة التي أراد الحسين الخروج في صبيحتها عن مكة فقال له: يا أخي إن أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك، وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى، فان رأيت أن تقيم فإنك أعز من بالحرم وأمنعه، فقال: يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم، فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت، فقال له ابن الحنفية: فان خفت ذلك فصر إلى اليمن أو بعض نواحي البر فإنك أمنع الناس به، ولا يقدر عليك أحد، فقال: أنظر فيما قلت.
فلما كان السحر، ارتحل الحسين عليه السلام فبلغ ذلك ابن الحنفية فأتاه فأخذ بزمام ناقته - وقد ركبها - فقال: يا أخي ألم تعدني النظر فيما سألتك؟ قال: بلى قال: فما حداك على الخروج عاجلا؟ قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ما فارقتك فقال: يا حسين اخرج فان الله قد شاء أن يراك قتيلا فقال محمد ابن الحنفية: إنا لله وإنا إليه راجعون، فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال؟ قال: فقال [لي صلى الله عليه وآله]: إن الله قد شاء أن يراهن سبايا، فسلم عليه ومضى (1).
قال: وجاءه عبد الله بن العباس وعبد الله بن الزبير فأشارا عليه بالامساك فقال لهما: إن رسول الله قد أمرني بأمر وأنا ماض فيه، قال: فخرج ابن العباس وهو يقول: