ولم يردوا جوابا حياء من النبي (صلى الله عليه وآله) فقال الحسين (عليه السلام): عن إذنك يا أباه يا أمير المؤمنين، وعن إذنك يا أماه يا سيدة نساء العالمين وعن إذنك يا أخاه الحسن الزكي أختار لكم شيئا من فواكه الجنة فقالوا جميعا: قل يا حسين ما شئت فقد رضينا بما تختاره لنا فقال: يا رسول الله قل لجبرئيل إنا نشتهي رطبا جنيا فقال النبي (صلى الله عليه وآله): قد علم الله ذلك ثم قال: يا فاطمة قومي وادخلي البيت و أحضري إلينا ما فيه، فدخلت فرأت فيه طبقا من البلور، مغطى بمنديل من السندس الأخضر، وفيه رطب جني في غير أوانه فقال النبي: يا فاطمة أنى لك هذا؟ قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب كما قالت مريم بنت عمران.
فقام النبي (صلى الله عليه وآله) وتناوله وقدمه بين أيديهم ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم ثم أخذ رطبة واحدة فوضعها في فم الحسين (عليه السلام) فقال: هنيئا مريئا لك يا حسين، ثم أخذ رطبة فوضعها في فم الحسن وقال: هنيئا مريئا يا حسن، ثم أخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة الزهراء (عليها السلام) وقال لها: هنيئا مريئا لك يا فاطمة الزهراء، ثم أخذ رطبة رابعة فوضعها في فم علي (عليه السلام) وقال: هنيئا مريئا لك يا علي.
ثم ناول عليا رطبة أخرى والنبي (صلى الله عليه وآله) يقول له: هنيئا مريئا لك يا علي ثم وثب النبي (صلى الله عليه وآله) قائما ثم جلس ثم أكلوا جميعا عن ذلك الرطب فلما اكتفوا وشبعوا، ارتفعت المائدة إلى السماء بإذن الله تعالى.
فقالت فاطمة: يا أبه! لقد رأيت اليوم منك عجبا فقال: يا فاطمة أما الرطبة الأولى التي وضعتها في فم الحسين، وقلت له: هنيئا يا حسين، فإني سمعت ميكائيل وإسرافيل يقولان: هنيئا لك يا حسين، فقلت أيضا موافقا لهما في القول ثم أخذت الثانية فوضعتها في فم الحسن، فسمعت جبرئيل وميكائيل يقولان:
هنيئا لك يا حسن، فقلت: أنا موافقا لهما في القول، ثم أخذت الثالثة فوضعتها في فمك يا فاطمة فسمعت الحور العين مسرورين مشرفين علينا من الجنان وهن يقلن: هنيئا لك يا فاطمة، فقلت موافقا لهن بالقول.