قال: ثم إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) حل عن ناضحة وأقبل يقوده إلى منزله فشده فيه، ولبس نعله، وأقبل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منزل زوجته أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة المخزومي، فدق علي (عليه السلام) الباب فقالت أم سلمة: من بالباب؟ فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قبل أن يقول علي:
أنا علي: قومي يا أم سلمة فافتحي له الباب، ومريه بالدخول، فهذا رجل يحبه الله ورسوله، ويحبهما، فقالت أم سلمة: فداك أبي وأمي ومن هذا الذي تذكر فيه هذا وأنت لم تره؟ فقال: مه يا أم سلمة فهذا رجل ليس بالخرق ولا بالنزق هذا أخي وابن عمي وأحب الخلق إلي.
قالت أم سلمة: فقمت مبادرة أكاد أن أعثر بمرطي، ففتحت الباب، فإذا أنا بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، ووالله ما دخل حين فتحت حتى علم أني قد رجعت إلى خدري، ثم إنه دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): وعليك السلام يا أبا الحسن اجلس.
قالت أم سلمة: فجلس علي بن أبي طالب (عليه السلام) بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعل ينظر إلى الأرض كأنه قصد الحاجة وهو يستحيي أن يبديها، فهو مطرق إلى الأرض حياء من رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقالت أم سلمة: فكأن النبي (صلى الله عليه وآله) علم ما في نفس علي (عليه السلام) فقال له: يا أبا الحسن إني أرى أنك أتيت لحاجة فقل حاجتك وأبد ما في نفسك، فكل حاجة لك عندي مقضية.
قال علي (عليه السلام): فقلت: فداك أبي وأمي إنك لتعلم أنك أخذتني من عمك أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد وأنا صبي لا عقل لي، فغذيتني بغذائك، وأدبتني بأدبك، فكنت إلي أفضل من أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد. في البر والشفقة وإن الله تعالى هداني بك وعلى يديك، واستنقذني مما كان عليه آبائي وأعمامي من الحيرة والشك، وأنك والله يا رسول الله ذخري وذخيرتي في الدنيا والآخرة يا رسول الله فقد أحببت مع ما شد الله من عضدي بك أن يكون لي بيت وأن يكون