شارف (1) فعطشها، ثم سقاها الماء حتى رويت، ثم كتبها وكعم أفواهها، (2) ثم سلك المفازة، حتى إذا مضى يومان وخاف العطش على الناس والخيل، وخشي أن يذهب ما في بطون الإبل نحر الإبل واستخرج ما في بطونها من الماء، فسقى الناس والخيل ومضى، فلما كان في الليلة الرابعة قال رافع: انظر هل ترى بيدرا (3) عظاما فإن رأيتموها وإلا فهو الهلاك، فنظر الناس فرأوا البيدر، (4) فأخبروه، فكبر وكبر الناس، ثم هجموا على الماء، فقال خالد:
لله در رافع أن اهتدى * فوز من قراقر إلى سرى (5) خمسا إذا سار به الجيش بكى * ما سارها من قبله أيش ترى (6) عند الصباح يحمد القوم السرى * وتنجلي عنهم غيابات الكرى يضرب للرجل يحتمل المشقة رجاء الراحة، انتهى (7).
وقال في المستقصى بعد إيراد المثل: إذا أصبح الذين قاسوا كذ السرى وقد خلفوا البعد تبجحوا بذلك وحمدوا ما فعلوا يضرب في الحث على مزاولة الامر بالصبر وتوطين النفس حتى تحمد عاقبته، قال الجليح:
إني إذا الجيش على الكور انثنى * لو سأل الماء فدى لافتدى وقال كم أتعبت قلت قد أرى * عند الصباح يحمد القوم السرى وتنجلي منهم عمايات الكرى] (8).
والعبقري هو الديباج، وقيل، البسط الوشية، وقيل: الطنافس الثخان.
قوله عليه السلام: " ولو اعتصمت " أي بعد قذف الشررة لو التجأت نفس أي رأس جبل لانضج