وما كنتم تكتمون (1)) فنبه الله جل جلاله الملائكة على أن آدم أحق بالخلافة منهم، لأنه أعلم منهم بالأسماء وأفضلهم في علم الانباء، وقال تقدست أسماؤه في قصة طالوت: " وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم " (2) فجعل جهة حقه في التقدم عليهم ما زاده الله من البسطة في العلم والجسم، واصطفاه إياه على كافتهم بذلك، وكانت هذه الآيات موافقة لدلائل العقول في أن الأعلم هو أحق بالتقدم في محل الإمامة ممن لا يساويه في العلم، وذلك يدل على (3) وجوب تقدم أمير المؤمنين عليه السلام على كافة المسلمين في خلافة الرسول وإمامة الأمة، لتقدمه عليه السلام (4) في العلم والحكمة وقصورهم عن منزلته في ذلك.
فمما جاءت به الرواية في قضاياه والنبي صلى الله عليه وآله حي موجود أنه لما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله تقليده قضاء اليمن وإنفاذه إليهم ليعلمهم الاحكام ويبين لهم الحلال من الحرام ويحكم فيهم بأحكام القرآن قال له أمير المؤمنين عليه السلام: تندبني يا رسول الله للقضاء وأنا شاب ولا علم لي بكل القضاء؟ فقال له: ادن مني، فدنا منه فضرب على صدره بيده وقال: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه، قال أمير المؤمنين عليه السلام:
فما شككت [قط] في قضاء بين اثنين بعد ذلك المقام، (5) ولما استقرت به الدار باليمن ونظر فيما ندبه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله من القضاء والحكم بين المسلمين رفع إليه رجلان بينهما جارية يملكان رقها على السواء، قد جهلا حظر وطئها فوطأها معا (6) في طهر واحد على ظن منهما جواز ذلك، لقرب عهدهما بالاسلام، وقلة