وأقام بمكة بعد البعثة ثلاث عشر سنة، ثم هاجر إلى المدينة بعد أن استتر في الغار ثلاثة أيام، وقيل: ستة أيام، ودخل المدينة يوم الاثنين الحادي عشر من ربيع الأول، وبقي بها عشر سنين، ثم قبض لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة للهجرة.
عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: لما حضر النبي (صلى الله عليه وآله) جعل يغمى عليه، فقالت فاطمة: وا كرباه لكربك يا أبتاه، ففتح عينه وقال: لا كرب على أبيك بعد اليوم.
وقال (عليه السلام) والمسلمون مجتمعون حوله: أيها الناس إنه لا نبي بعدي، ولا سنة بعد سنتي، فمن ادعى ذلك فدعواه وباغيه في النار، أيها الناس أحيوا القصاص، وأحيوا الحق لصاحب الحق، ولا تفرقوا، وأسلموا وسلموا، كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز.
ومن كتاب أبي إسحاق الثعلبي قال: دخل أبو بكر على النبي (صلى الله عليه وآله) وقد ثقل (1) فقال: يا رسول الله صلى الله متى الاجل؟ قال: قد حضر قال أبو بكر: الله المستعان على ذلك فإلى ما المنقلب؟ قال: إلى السدرة المنتهى، وجنة المأوى، وإلى الرفيق الاعلى، والكأس الأوفى، والعيش المهنى، قال أبو بكر: فمن يلي غسلك؟ قال: رجال أهل بيتي، الأدنى فالأدنى، قال: ففيم نكفنك؟ قال: في ثيابي هذه التي علي، أو في حلة (2) يمانية، أو في بياض مصر، قال: كيف الصلاة عليك؟ فارتجت الأرض بالبكاء، فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله): مهلا عفا الله عنكم إذا غسلت وكفنت فضعوني على سريري في بيتي هذا، على شفير قبري، ثم اخرجوا عني ساعة، فإن الله تبارك وتعالى أول من يصلي علي، ثم يأذن للملائكة في الصلاة علي، فأول من ينزل جبرئيل (عليه السلام)، ثم إسرافيل، ثم ميكائيل، ثم ملك الموت (عليهم السلام) في جنود كثير (3) من الملائكة بأجمعها، ثم ادخلوا علي زمرة