يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون " (1) وقد كان جاء أبو سفيان إلى باب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي والعباس متوفران على النظر في أمره، فنادى:
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم * ولا سيما تيم بن مرة أو عدي فما الامر إلا فيكم وإليكم * وليس لها إلا أبو حسن علي أبا حسن فاشدد بها كف حازم * فإنك بالامر الذي تبتغي (2) ملي ثم نادى بأعلى صوته: يا بني هاشم يا بني عبد مناف، أرضيتم أن يلي عليكم أبو فصيل الرذل بن الرذل أما والله لو شئتم لأملأنها عليهم خيلا ورجلا، فناداه أمير المؤمنين (عليه السلام): ارجع يا أبا سفيان فوالله ما تريد الله بما تقول وما زلت تكيد الاسلام وأهله، ونحن مشاغيل برسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى كل امرئ ما اكتسب وهو ولي ما احتقب، فانصرف أبو سفيان إلى المسجد فوجد بني أمية مجتمعين فيه، فحرضهم على الامر ولم ينهضوا له، وكانت فتنة عمت، وبلية شملت، و أسباب سوء اتفقت، تمكن بها الشيطان، وتعاون فيها (3) أهل الإفك والعدوان فتخاذل في إنكارها أهل الايمان، وكان ذلك تأويل قول الله عز وجل: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " (4).
توضيح: قال الجوهري: الضريح: الشق في وسط القبر، واللحد في الجانب وقال: توفر عليه، أي رعى حرماته. واحتقبه: احتمله.
28 - مناقب ابن شهرآشوب: أقام بالمدينة عشر سنين، ثم حج حجة الوداع، ونصب عليا إماما يوم غدير خم، فلما دخل المدينة بعث أسامة بن زيد وأمره أن يقصد حيث قتل أبوه، وجعل في جيشه وتحت رايته أبا بكر وعمر وأبا عبيدة، وعسكر أسامة بالجرف. فاشتكى شكواه التي توفي فيها، فكان يقول في مرضه: " نفذوا جيش أسامة " ويكرر ذلك، فلما دخل سنة إحدى عشرة أقام بالمدينة المحرم، ومرض