والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى، وقد بقيت واحدة وهي تمام الامر و خاتمة العمل، العمل معها مقرون إني أرى أن لا أفترق بينهما جميعا (1) لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست، من أتى بواحدة وترك الأخرى كان جاحدا للأولى ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا " قالوا: يا رسول الله فأين لنا بمعرفتها (2)، فلا نمسك عنها فنضل ونرتد عن الاسلام، والنعمة من الله ومن رسوله علينا، فقد أنقذنا الله بك من الهلكة يا رسول الله، وقد بلغت ونصحت وأديت وكنت بنا رؤوفا رحيما شفيقا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهم: " كتاب الله وأهل بيتي فإن الكتاب هو القرآن وفيه الحجة والنور والبرهان، كلام الله جديد غض طرئ شاهد ومحكم عادل ولنا قائد بحلاله وحرامه وأحكامه يقوم غدا فيحاج أقواما فيزل الله به أقدامهم عن الصراط، واحفظوني معاشر الأنصار في أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ألا وإن الاسلام سقف تحته دعامة، لا يقوم السقف إلا بها، فلو أن أحدكم أتى بذلك السقف ممدودا لا دعامة تحته فأوشك أن يخر عليه سقفه فيهوي في النار، أيها الناس الدعامة: دعامة الاسلام، وذلك قوله تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " (3) فالعمل الصالح طاعة الامام ولي الأمر والتمسك بحبله، أيها الناس أفهمتم؟ الله الله في أهل بيتي، مصابيح الظلم، ومعادن العلم، وينابيع الحكم، ومستقر الملائكة، منهم وصيي وأميني ووارثي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى ألا هل بلغت معاشر الأنصار؟ ألا فاسمعوا ومن حضر، ألا إن فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله "، قال عيسى: فبكى أبو الحسن (عليه السلام) طويلا، وقطع بقية كلامه (4)، وقال: هتك والله حجاب الله، هتك والله حجاب الله، هتك والله حجاب الله يا أمه (5) صلوات الله عليها.
(٤٧٧)