يا محمد مر باخراج من عندك إلا وصيك ليقبضها منا، وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها، يعني عليا (عليه السلام)، فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) باخراج من كان في البيت ما خلا عليا وفاطمة فيما بين الستر والباب، فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول: هذا كتاب ما كنت عهدت إليك، وشرطت عليك، وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي، وكفى بي يا محمد شهيدا، قال: فارتعدت مفاصل النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: يا جبرئيل ربي هو السلام، ومنه السلام، وإليه يعود السلام، صدق عز وجل وبر، هات الكتاب، فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: أقرأه فقرأه حرفا حرفا، فقال: يا علي هذا عهد ربي تبارك وتعالى إلي، وشرطه علي وأمانته، وقد بلغت ونصحت وأديت، فقال علي (عليه السلام): وأنا أشهد لك بأبي أنت وأمي بالبلاغ والنصيحة والتصديق (1) على ما قلت، ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي، فقال جبرئيل (عليه السلام): وأنا لكما على ذلك من الشاهدين، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي أخذت وصيتي وعرفتها، وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها؟ فقال علي (عليه السلام): نعم بأبي أنت وأمي على ضمانها، وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إني أريد أن اشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة فقال علي: نعم أشهد، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن، وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لأشهدهم عليك، فقال: نعم ليشهدوا وأنا بأبي وأمي اشهدهم، فأشهدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان فيما اشترط عليه النبي (صلى الله عليه وآله) بأمر جبرئيل (عليه السلام) فيما أمره الله عز وجل أن قال له: يا علي تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله، والبراءة و العداوة لمن عادى الله ورسوله، والبراءة منهم على الصبر منك على كظم الغيظ (2)، وعلى ذهاب حقك، وغصب خمسك، وانتهاك حرمتك، فقال: نعم يا رسول الله، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد سمعت
(٤٨٠)