ثم قال (عليه السلام): أخبرني أبي، عن جدي محمد بن علي قال: قد جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) المهاجرين فقال لهم: " أيها الناس إني قد دعيت، وإني مجيب دعوة الداعي، قد اشتقت إلى لقاء ربي واللحوق بإخواني من الأنبياء وإني أعلمكم أني قد أوصيت إلى وصيي، ولم أهملكم إهمال البهائم، ولم أترك من أموركم شيئا " فقام إليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله أوصيت بما أوصى به الأنبياء من قبلك؟ قال: نعم، فقال له: فبأمر من الله أوصيت أم بأمرك.
قال له: " اجلس يا عمر، أوصيت بأمر الله، وأمره طاعته، وأوصيت بأمري و أمري طاعة الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن عصى وصيي فقد عصاني، ومن أطاع وصيي فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله (1) لا ما تريد أنت وصاحبك " ثم التفت إلى الناس وهو مغضب فقال: " أيها الناس اسمعوا وصيتي، من آمن بي وصدقني بالنبوة وأني رسول الله فأوصيه بولاية علي بن أبي طالب وطاعته و التصديق له، فإن ولايته ولايتي، وولاية ربي، قد أبلغتكم فليبلغ الشاهد الغائب (2) أن علي بن أبي طالب هو العلم، فمن قصر دون العلم فقد ضل، ومن تقدمه تقدم إلى النار، ومن تأخر عن العلم يمنيا هلك، ومن أخذ يسارا غوى وما توفيقي إلا بالله، فهل سمعتم؟ قالوا: نعم.
وبالاسناد المتقدم عن الكاظم عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنده موته وأخرج من كان عنده في البيت غيري. والبيت فيه جبرئيل، والملائكة (3) أسمع الحس ولا أرى شيئا، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتاب الوصية من يد جبرئيل مختومة فدفعها إلي وأمرني أن أفضها، ففعلت، وأمرني أن أقرأها فقرأتها، فقال: إن جبرئيل عندي (4) أتاني بها الساعة من عند ربي فقرأتها فإذا فيها كل ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوصي (5) به شيئا شيئا ما تغادر حرفا.