مضى من فعاله، فلما سلم انصرف إلى منزله، واستدعى أبا بكر وعمر وجماعة من حضر المسجد من المسلمين ثم قال: " ألم آمر أن تنفذوا جيش أسامة؟ " فقالوا:
بلى يا رسول الله، قال: " فلم تأخرتم عن أمري؟ " قال أبو بكر: إني كنت قد خرجت ثم رجعت لاجدد بك (1) عهدا، وقال عمر: يا رسول الله إني لم أخرج لأنني لم أحب أن أسأل عنك الركب، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " نفذوا جيش أسامة نفذوا جيش أسامة " يكررها ثلاث مرات، ثم أغمي عليه من التعب الذي لحقه والأسف (2) فمكث هنيئة مغمى عليه وبكى المسلمون وارتفع النحيب من أزواجه و ولده ونساء المسلمين (3) وجمع من حضر من المسلمين فأفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنظر إليهم ثم (4) قال: " إيتوني بدواة وكتف لاكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا " ثم أغمي عليه، فقام بعض من حضر يلتمس دواة وكتفا، فقال له عمر:
" ارجع فإنه يهجر " فرجع وندم من حضر على ما كان منهم من التضجيع في إحضار الدواة والكتف وتلاوموا بينهم، وقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد أشفقنا من خلاف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما أفاق (صلى الله عليه وآله) قال بعضم: ألا نأتيك بدواة وكتف يا رسول الله؟ فقال: " أبعد الذي (5) قلتم؟ لا، ولكني أوصيكم بأهل بيتي خيرا "