في المسجد، وعليه قميصه سوداء، فأمر فيه ونهى ووعظ فيه وذكر، ثم قال: يا فاطمة اعملي فإني لا أملك من الله شيئا، وسمع الناس صوته وتساروا ومرأى (1) رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسمعهم نساؤه من وراء الجدر فهن (2) يمشطن، وقلن: قد برئ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقلت لأبي عبد الله (عليه السلام): توفي ذلك اليوم؟ قال: نعم، قلت:
فأين ما يرويه الناس أنه علم عليا (عليه السلام) ألف باب، كل باب فتح ألف باب؟ قال:
كان ذلك قبل يومئذ (3).
19 - إعلام الورى، الإرشاد: ثم كان مما آكد النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) من الفضل وتخصصه منه بجليل رتبته ما تلا حجة الوداع من الأمور المجددة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والاحداث التي اتفقت بقضاء الله وقدره، وذلك أنه (صلى الله عليه وآله) تحقق من دنو أجله ما كان قدم الذكر به لامته، فجعل (عليه السلام) يقوم مقاما بعد مقام في المسلمين يحذرهم الفتنة بعده، والخلاف عليه، ويؤكد وصايتهم بالتمسك بسنته والاجماع (4) عليها، والوفاق، ويحثهم على الاقتداء بعترته، والطاعة لهم، النصرة والحراسة والاعتصام بهم في الدين، ويزجرهم عن الاختلاف والارتداد، وكان فيما ذكره من ذلك ما جاءت به الرواية على اتفاق واجتماع قوله: يا أيها الناس إني فرطكم، وأنتم واردون علي الحوض، ألا وإني سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يلقياني، وسألت ربي ذلك فأعطانيه، ألا وإني قد تركتهما فيكم: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فلا تسبقوهم فتفرقوا، ولا تسبقوهم فتفرقوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، أيها الناس لا ألفينكم بعدي ترجعون كفارا، يضرب بعضكم