قوى بعضهم بعضا حتى استغلظوا واستووا على اثرهم (1). " ليغيظ بهم الكفار " أي إنما كثرهم الله وقواهم ليكونوا غيظا للكافرين بتوافرهم وتظاهرهم واتفاقهم على الطاعة " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم " أي من أقام على الايمان والطاعة منهم (2).
" للفقراء المهاجرين " الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، ومن دار الحرب إلى دار الاسلام " وينصرون الله " أي دينة " أولئك هم الصادقون " في الحقيقة عند الله قال الزجاج: بين سبحانه من المساكين الذين لهم الحق فقال: " للفقراء المهاجرين " ثم ثنى سبحانه بوصف الأنصار ومدحهم حتى طابت أنفسهم عن الفئ فقال: " والذين " مبتداء، خبره " يحبون " أو في موضع جر عطفا على الفقراء، فقوله: " يحبون " حال: " تبوؤا الدار " يعني المدينة، وهي دار الهجرة تبوأها الأنصار قبل المهاجرين وتقدير الآية والذين تبوؤا الدار من قبلهم " والايمان " لان الأنصار لم يؤمنوا قبل المهاجرين، وعطف الايمان على الدار في الظاهر لا في المعنى، لان الايمان ليس بمكان يتبوأ، والتقدير وآثروا الايمان، وقيل: " من قبلهم " أي من قبل قدوم المهاجرين عليهم، وقيل: قبل إيمان المهاجرين، والمراد بهم أصحاب العقبة وهم سبعون رجلا بايعوا النبي (صلى الله عليه وآله) على حرب الأحمر والأبيض " يحبون من هاجر إليهم " لأنهم أحسنوا إلى المهاجرين، وأسكنوهم دورهم، وأشركوهم في أموالهم " ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اتوا " أي لا يجدون في قلوبهم حسدا وغيظا مما أعطي المهاجرون دونهم من مال بني النضير " ويؤثرون على أنفسهم " أي يقدمون المهاجرين على أنفسهم بأموالهم ومنازلهم " ولو كان بهم خصاصة " أي فقر وحاجة، والشح: البخل، ثم ثلث سبحانه بوصف التابعين فقال: " والذين جاؤوا من بعدهم " أي بعد المهاجرين والأنصار، وهم جميع التابعين لهم إلى يوم القيامة " غلا " أي حقدا وعداوة (3).