يريد الله أن يملي لهم فيها ليعذبهم " وتزهق أنفسهم " أي تهلك " وهم كافرون " في موضع الحال " ويحلفون بالله إنهم لمنكم " أي يقسم هؤلاء المنافقون إنهم من جملتكم أي مؤمنون أمثالكم " وما هم منكم " أي ليسوا مؤمنين بالله " ولكنهم قوم يفرقون " أي يخافون القتل والأسر إن لم يظهروا الايمان " لو يجدون ملجأ " أي حرزا أو حصنا " أو مغارات " أي غيرانا في الجبال أو سراديب " أو مدخلا " أي موضع دخول يأوون إليه، وقيل: نفقا كنفق اليربوع، وقيل: أسرابا في الأرض عن ابن عباس وأبي جعفر عليه السلام، وقيل: وجها يدخلونه على خلاف رسول الله صلى الله عليه وآله " لولوا إليه " أي لعدلوا إليه، وقيل: لأعرضوا عنكم إليه " وهم يجمحون " أي يسرعون في الذهاب إليه (1) " ومنهم الذين " قيل: إنها نزلت في رهط من المنافقين تخلفوا عن غزوة تبوك، فلما رجع رسول الله أتوا المؤمنين يعتذرون إليهم من تخلفهم ويعتلون ويحلفون فنزلت (2).
أقول: سيأتي تفسير الآيات في باب جمل ما جرى بينه وبين أصحابه صلى الله عليه وآله.
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " يحذر المنافقون " قيل: نزلت في اثني عشر رجلا وقفوا على العقبة ليفتكوا برسول الله صلى الله عليه وآله عند رجوعه من تبوك، فأخبر جبرئيل عليه السلام رسول الله بذلك، وأمره أن يرسل إليهم ويضرب وجوه رواحلهم، و عمار كان يقود دابة رسول الله صلى الله عليه وآله وحذيفة يسوقها، فقال لحذيفة: اضرب وجوه رواحلهم، فضربها حتى نحاهم، فلما نزل قال لحذيفة: من عرفت من القوم فقال: لم أعرف منهم أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه فلان وفلان حتى عدهم كلهم، فقال حذيفة: ألا تبعث إليهم فتقتلهم؟ فقال: أكره أن تقول العرب: لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم عن ابن كيسان، وروي عن أبي جعفر عليه السلام مثله إلا أنه قال: ائتمروا بينهم ليقتلوه، وقال بعضهم لبعض: إن فطن نقول: إنما كنا نخوض ونلعب، وإن لم يفطن نقتله، وقيل: إن جماعة من المنافقين قالوا في غزوة تبوك: