بالفتنة صرف الناس عن الايمان، وإلقاء الشبهة إلى ضعفاء المسلمين، وقيل: أراد بالفتنة الفتك بالنبي صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك ليلة العقبة، وكانوا اثني عشر رجلا من المنافقين، وقفوا على الثنية ليفتكوا بالنبي صلى الله عليه وآله عن ابن جبير وابن جريح (1) " وقلبوا لك الأمور " أي احتالوا في توهين أمرك، وإيقاع الاختلاف بين المؤمنين وفي قتلك بكل ما أمكنهم فيه فلم يقدروا عليه، وقيل: إنهم كانوا يريدون في كيده وجها من التدبير فإذا لم يتم ذلك فيه تركوه وطلبوا المكيدة في غيره، فهذا تقليب الأمور " حتى جاء الحق " أي النصر والظفر " وظهر أمر الله " أي دينه، و هو الاسلام وظفر المسلمين " وهم كارهون " أي في حال كراهتهم لذلك " ومنهم من يقول ائذن لي " قيل إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما استنفر الناس إلى تبوك قال:
انفروا لعلكم تغنمون بنات الأصفر، فقام جد بن قيس أخو بني سلمة من بني الخزرج فقال: يا رسول الله ائذن لي ولا تفتني ببنات الأصفر فإني أخاف أن أفتن (2) بهن، فقال: قد أذنت لك فنزلت، عن ابن عباس ومجاهد، فلما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وآله لبني سلمة: من سيدكم؟ قالوا: جد بن قيس غير أنه بخيل جبان، فقال صلى الله عليه وآله: وأي داء أدوى من البخل؟! بل سيدكم الفتى الأبيض الجعد: بشر بن براء بن معرور (3) " ولا تفتني " أي ببنات الأصفر، قال الفراء: سميت الروم أصفر لان حبشيا غلب على ناحية الروم، فكان له بنات قد أخذن من بياض الروم وسواد الحبشية، فكن صفرا لعسا (4) وقيل: معناه لا تؤثمني بمخالفة أمرك في الخروج