صورة الامر أي فليضحك هؤلاء المنافقون في الدنيا قليلا، لان ذلك يفنى، وإن دام إلى الموت، ولان الضحك في الدنيا قليل لكثرة أحزانها وهمومها، و ليبكوا كثيرا في الآخرة لان ذلك يوم مقداره خمسون ألف سنة " فإن رجعك الله " أي ردك الله عن غزوتك هذه وسفرك هذا " إلى طائفة منهم " أي من المنافقين الذين تخلفوا عنك وعن الخروج معك " فاستأذنوك للخروج " معك إلى غزوة أخرى " فقل " لهم " لن تخرجوا معي أبدا " إلى غزوة " ولن تقاتلوا معي عدوا " ثم بين تعالى سبب ذلك فقال: " إنكم رضيتم بالقعود أول مرة " أي عن غزوة تبوك " فاقعدوا مع الخالفين " في كل غزوة.
واختلف في المراد بالخالفين فقيل: معناه مع النساء والصبيان، وقيل: مع الرجال الذين تخلفوا من غير عذر، وقيل: مع المخالفين، قال الفراء: يقال:
فلان عبد خالف، وصاحب خالف: إذا كان مخالفا، وقيل: مع الخساس والأدنياء، يقال: فلان خالفة أهله: إذا كان أدونهم، وقيل: مع أهل الفساد، من قولهم:
خلف الرجل على أهله خلوفا: فسد (1) وقيل: مع المرضى والزمني وكل من تأخر لنقص " ولا تصل علي أحد منهم " أي من المنافقين " مات أبدا " أي بعد موته " ولا تقم على قبره " للدعاء فإنه صلى الله عليه وآله كان إذا صلى على ميت يقف على قبره ساعة ويدعو له، فما صلى بعد ذلك على منافق حتى قبض.
وروي أنه صلى الله عليه وآله صلى على عبد الله بن أبي وألبسه قميصه قبل أن ينهى عن الصلاة على المنافقين وقيل أراد صلى الله عليه وآله أن يصلي عليه فأخذ جبرئيل بثوبه وتلا عليه " لا تصل (2) على أحد منهم مات أبدا " وروي أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: لم وجهت بقميصك إليه يكفن فيه وهو كافر؟! فقال: " إن قميصي لن يغني عنه من الله شيئا وإني أؤمل من الله أن يدخل بهذا السبب في الاسلام خلق كثير " فيروى أنه أسلم ألف من الخزرج لما رأوه يطلب الاستشفاع (3) بثوب رسول الله صلى الله عليه وآله، ذكره الزجاج