أخبر بحلفهم قبل وقوعه " يهلكون أنفسهم " بما أسروه من الشرك (1) وقيل: باليمين الكاذبة، والعذر الباطل " والله يعلم إنهم لكاذبون " في هذا الاعتذار والحلف " عفا الله عنك لم أذنت لهم " في التخلف عنك " حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين " أي حتى تعرف من له العذر منهم في التخلف، ومن لا عذر له، فيكون إذنك لمن أذنت له على علم، قال ابن عباس وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن يعرف المنافقين يومئذ، وقيل: إنه إنما خيرهم بين الظعن والإقامة متوعدا لهم ولم يأذن لهم، فاغتنم القوم ذلك، وفي هذا إخبار من الله سبحانه أنه كان الأولى أن يلزمهم الخروج معه حتى إذا لم يخرجوا ظهر نفاقهم، لأنه متى أذن لهم ثم تأخروا لم يعلم أن للنفاق (2) كان تأخرهم أم لغيره. وكان الذين استأذنوه منافقين، ومنهم الجد بن قيس ومعتب بن قشير، وهما من الأنصار (3).
أقول: قد مر الكلام في هذه الآية في باب عصمته صلى الله عليه وآله.
وقال في قوله تعالى: " لا يستأذنك " أي في القعود، وقيل: في الخروج لأنه مستغن عنه بدعائك، بل يتأهب له " أن يجاهدوا " أي في أن يجاهدوا " وارتابت قلوبهم " أي اضطربت وشكت " فهم في ريبهم يترددون " أي في شكهم يذهبون و يرجعون ويتحيرون، وأراد به المنافقين، أي يتوقعون الاذن لشكهم في دين الله وفيما وعد المجاهدون، ولو كانوا مخلصين لوثقوا بالنصر وبثواب الله فبادروا إلى الجهاد ولم يستأذنوك فيه " ولو أرادوا الخروج " في الجهاد كالمؤمنين " لاعدوا له عدة " أي أهبة الحرب (4) من الكراع والسلاح " ولكن كره الله انبعاثهم " أي خروجهم إلى الغزو لعلمه إنهم لو خرجوا لكانوا يمشون بالنميمة بين المسلمين، وكانوا عيونا للمشركين. وكان الضرر في خروجهم أكثر من الفائدة " فثبطهم " عن