الخروج الذي عزموا عليه، لا عن الخروج الذي أمرهم به، لان الأول كفر، و الثاني طاعة " وقيل اقعدوا مع القاعدين " أي مع النساء والصبيان والقائلون أصحابهم الذين نهوهم عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وآله للجهاد أو النبي صلى الله عليه وآله على وجه التهديد والوعيد، لا على وجه الاذن، ويجوز أن يكون على وجه الاذن لهم في العقود الذي عاتبه الله عليه، إذ كان الأولى أن لا يأذن لهم ليظهر للناس نفاقهم، ثم بين سبحانه وجه الحكمة في كراهية انبعاثهم وتثبيطهم عن الخروج فقال: " لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا " أي شرا وفسادا، وقيل: غدرا ومكرا، و قيل: عجزا وجبنا، أي أنهم كانوا يجبنونكم عن لقاء العدو بتهويل الامر عليكم " ولأوضعوا خلالكم " أي لأسرعوا في الدخول بينكم بالتضريب والافساد والنميمة يريد ولسعوا فيما بينكم بالتفريق بين المسلمين، وقيل: أي لأوضعوا إبلهم خلالكم يتخلل الراكب الرجلين حتى يدخل بينهما فيقول ما لا ينبغي " يبغونكم الفتنة " بعدو الإبل وسطكم، ومعنى يبغونكم يبغون لكم أو فيكم، أي يطلبون لكم المحنة باختلاف الكلمة والفرقة، وقيل أي يبغونكم أن تكونوا مشركين، والفتنة:
الشرك، وقيل: أي يخوفونكم بالعدو، ويخبرونكم أنكم منهزمون (1) وأن عدوكم سيظهر عليكم " وفيكم سماعون لهم " أي وفيكم عيون للمنافقين ينقلون إليهم ما يسمعون منكم، وقيل: معناه وفيكم قابلون منهم عند سماع قولهم، يريد ضعفة المسلمين " والله عليم بالظالمين " أي بهؤلاء المنافقين الذين ظلموا أنفسهم، لما أضمروا عليه من الفساد، منهم عبد الله بن أبي، وجد بن قيس، وأوس بن قبطي (2) ثم أقسم الله سبحانه فقال: " لقد ابتغوا الفتنة من قبل " الفتنة اسم يقع على كل سوء و شر، والمعنى لقد طلب هؤلاء المنافقون اختلاف كلمتكم، وتشتيت أهوائكم، و افتراق آرائكم من قبل غزوة تبوك، أي في يوم أحد حين انصرف عبد الله بن أبي بأصحابه، وخذل النبي صلى الله عليه وآله فصرف الله سبحانه عن المسلمين فتنتهم، وقيل: أراد