وقال في قوله: كن أبا خيثمة: أي صر، يقال للرجل يرى من بعد: كن فلانا أي أنت فلان، أو هو فلان، وقال: أولى لك، أي قرب منك ما نكره، وهي كلمة تلهف يقولها الرجل إذا أفلت من عظيمة، وقيل: هي كلمة تهدد ووعيد، قال الأصمعي: معناه قاربه ما يهلكه.
1 - الإرشاد: ثم كانت غزاة تبوك، فأوحى الله عز اسمه إلى نبيه صلى الله عليه وآله: أن يسير إليها بنفسه، ويستنفر الناس للخروج معه، وأعلمه أنه لا يحتاج فيها إلى حرب، ولا يمني (1) بقتال عدو، وأن الأمور تنقاد له بغير سيف، وتعيده بامتحان أصحابه بالخروج معه، واختبارهم ليتميزوا بذلك، وتظهر به سرائرهم، فاستنفرهم النبي صلى الله عليه وآله إلى بلاد الروم، وقد أينعت ثمارهم واشتد القيظ عليهم، فأبطأ أكثرهم عن طاعته، رغبة في العاجل، وحرصا على المعيشة وإصلاحها، وخوفا من شدة القيظ و بعد المسافة (2)، ولقاء العدو، ثم نهض بعضهم على استثقال للنهوض، وتخلف آخرون ولما أراد النبي (3) صلى الله عليه وآله الخروج استخلف أمير المؤمنين في أهله وولده وأزواجه ومهاجره، وقال (4): يا علي إن المدينة لا تصلح إلا بي أوبك (5)، ودلك أنه صلى الله عليه وآله علم خبث (6) نيات الاعراب، وكثير من أهل مكة ومن حولها ممن غزاهم وسفك دماءهم فأشفق (7) أن يطلبوا المدينة عند نأيه عنها (8) وحصوله ببلاد الروم أو نحوها فمتى لم يكن فيها من يقوم مقامه لم يؤمن من معرتهم (9) وإيقاع الفساد في دار هجرته والتخطي إلى ما يشين أهله ومخلفيه، وعلم صلى الله عليه وآله أنه لا يقوم مقامه في إرهاب العدو وحراسة دار الهجرة وحياطة من فيها إلا أمير المؤمنين عليه السلام، فاستخلفه استخلافا ظاهرا، و