ظن (1) هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها هيهات هيهات، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وآله على ذلك فقال: " احبسوا علي الركب " فدعاهم فقال لهم: قلتم كذا وكذا، فقالوا، يا نبي الله إنما كنا نخوض ونلعب، وحلفوا على ذلك فنزلت الآية " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب " عن الحسن وقتادة، و قيل: كان ذلك عند منصرفه من تبوك إلى المدينة، فكان بين يديه أربعة نفر أو ثلاثة نفر يستهزؤن ويضحكون، واحدهم يضحك ولا يتكلم، فنزل جبرئيل وأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، فدعا عمار بن ياسر وقال: إن هؤلاء يستهزؤن بي وبالقرآن أخبرني جبرئيل بذلك، ولئن سألتهم ليقولن: كنا نتحدث بحديث الركب.
فاتبعهم عمار وقال لهم: لم تضحكون؟ (2) قالوا: نتحدث بحديث الركب، فقال عمار: صدق الله وصدق رسوله، احترقتم، أحرقكم الله، فأقبلوا إلى النبي صلى الله عليه وآله يعتذرون، فأنزل الله الآيات، عن الكلبي وعلي بن إبراهيم وأبي حمزة، وقيل:
إن رجلا قال في غزوة تبوك: ما رأيت أكذب لسانا ولا أجبن عند اللقاء من هؤلاء يعني رسول الله وأصحابه، فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنك منافق، و أراد أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك فجاءه وقد سبقه الوحي، فجاء الرجل معتذرا وقال: إنما كنا نخوض ونلعب، ففيه نزلت الآية، عن ابن عمر وزيد بن أسلم و محمد بن كعب، وقيل: إن رجلا من المنافقين قال: يحدثنا محمد أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا، أو ما يدريه ما أمر الغيث (3) فنزلت الآية، عن مجاهد، وقيل: نزلت في عبد الله بن أبي ورهطه عن الضحاك " أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم " فيه قولان:
أحدهما: أنه إخبار بأنهم يخافون أن يفشوا (4) سرائرهم، وقيل: إن ذلك الحذر أظهروه على وجه الاستهزاء.