وروى أنه صلى الله عليه وآله كان إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء فغمس يده فيه، ثم غمس أيديهن فيه وقيل، إنه كان يبايعهن من وراء الثوب عن الشعبي، والوجه في بيعة النساء مع أنهن لسن من أهل النصرة بالمحاربة هو أخذ العهد عليهن بما يصلح من شأنهن في الدين والأنفس (1) والأزواج، وكان ذلك في صدر الاسلام، ولئلا ينفتق بهن فتق لما ضيع من الاحكام (2) فبايعهن النبي صلى الله عليه وآله حسما (3) لذلك (4).
وقال رضي الله عنه في قوله سبحانه: " إذا جاء نصر الله " على من عاداك وهم قريش " والفتح " يعني فتح مكة، وهذه بشارة من الله سبحانه لنبيه بالفتح والنصر قبل وقوع الامر " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " أي جماعة بعد جماعة وزمرة بعد زمرة. والمراد بالدين الاسلام، والتزام أحكامه، واعتقاد صحته، و توطين النفس على العمل به، قال الحسن: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة قالت العرب أما إذا ظفر محمد بأهل الحرم وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل فليس لكم به يد (5) فكانوا يدخلون في دين الله أفواجا، أي جماعات كثيرة بعد أن كانوا يدخلون فيه واحدا واحدا، واثنين واثنين، فصارت القبيلة تدخل بأسرها في الاسلام، وقيل: في دين الله، أي في طاعة الله وطاعتك " فسبح بحمد ربك واستغفره " هذا أمر من الله سبحانه بأن ينزهه عما لا يليق به من صفات النقص، وأن يستغفره، ووجه وجوب ذلك بالنصر والفتح أن النعمة تقتضي القيام بحقها، وهو شكر المنعم وتعظيمه، والايتمار بأوامره والانتهاء عن معاصيه (6)، فكأنه قال: قد حدث أمر يقتضي الشكر والاستغفار وإن لم يكن ثم ذنب، فإن الاستغفار قد يكون عند ذكر المعصية بما ينافي الاصرار وقد يكون على وجه التسبيح والانقطاع إلى الله سبحانه " إنه كان توابا " يقبل توبة من بقي كما يقبل توبة من مضى، قال مقاتل: لما نزلت هذه السورة قرأها على أصحابه