خمسين ومائة رجل (1) من الأنصار والمهاجرين، فقام ابن عباس رضي الله عنه و قال: فداك أبي وأمي يا رسول الله تجهز ابن عمي في خمسين ومائة رجل من العرب إلى خمسمائة رجل (2) وفيهم الحارث بن مكيدة يعد بخمسمائة فارس، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " امط عني يا ابن عباس، فوالذي بعثني بالحق لو كانوا على عدد الثرى وعلي وحده لاعطى الله عليهم النصر (3) حتى يأتينا بسبيهم أجمعين " فجهزه النبي صلى الله عليه وآله وهو يقول: " اذهب يا حبيبي حفظ الله من تحتك ومن فوقك وعن يمينك وعن شمالك، الله خليفتي عليك " فسار علي عليه السلام بمن معه حتى نزلوا بواد خلف المدينة بثلاثة أميال يقال له: وادي ذي خشب، قال: فوردوا (4) الوادي ليلا فضلوا الطريق، قال: فرفع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام رأسه إلى السماء وهو يقول: يا هادي كل ضال، ويا مفرج كل مغموم، لا تقو علينا ظالما، ولا تظفر بنا عدونا واعهدنا (5) إلى سبيل الرشاد، قال: فإذا الخيل يقدح بحوافرها من الحجارة النار حتى عرفوا الطريق فسلكوه، فأنزل الله على نبيه محمد: " والعاديات ضبحا " يعنى الخيل " فالموريات قدحا " قال: قدحت الخيل بحوافرها من الحجارة النار " فالمغيرات صبحا " قال: صبحهم علي مع طلوع الفجر، وكان لا يسبقه (6) أحد إلى الاذان، فلما سمع المشركون الاذان قال بعضهم لبعض: ينبغي أن يكون راعي في رؤوس هذه الجبال يذكر الله، فلما أن قال: أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله قال بعضهم لبعض: ينبغي أن يكون الراعي من أصحاب الساحر الكذاب، وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لا يقاتل حتى تطلع الشمس، وتنزل ملائكة النهار، قال:
فلما أن دخل النهار التفت أمير المؤمنين عليه السلام إلى صاحب راية النبي صلى الله عليه وآله فقال له: ارفعها، فلما أن رفعها ورآها المشركون عرفوها، وقال