وصل إلى بلدة عظيمة ذات نخل وشجر ومياه غزيرة، فدخل أمير المؤمنين (1) (عليه السلام) إلى حديقة بها ماء جار فتوضأ ووقف بين النخل يصلي إلى أن مضى من الليل أكثره، فنام عمر، ولما (2) قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) وطره من الصلاة عاد [ورجع] إلى المدينة حتى وقف خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصلى الفجر معه، فانتبه عمر فلم يجد أمير المؤمنين (عليه السلام) في موضعه، فلما أصبح رأى موضعا لا يعرفه وقوما لا يعرفهم ولا يعرفونه، فوقف على رجل منهم.
فقال له الرجل: من أين أنت؟ ومن أين أتيت؟ فقال [عمر]: عربي أتيت (3) من يثرب مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال الرجل: [يا شيخ] تأمل أمرك [وابصر ما تقول] يا هذا وانظر أيش تقول (4).
فقال: هذا الذي أقوله لك.
قال [الرجل]: فمتى خرجت من المدينة؟
قال: البارحة.
فقال: اسكت لا يسمع الناس هذا منك فتقتل أو يقولوا: هذا مجنون.
فقال: ما قلت إلا حقا (5).
قال [له الرجل]: فحدثني كيف [حالك و] مجيئك إلى هاهنا؟
فقال [عمر]: كان علي بن أبي طالب في كل ليلة جمعة يخرج من المدينة ولا نعلم أين يمضي، فلما كانت (6) [في] هذه الليلة تبعته وقلت: اريد أن أنظر (7) أين يمضي، فوصلنا إلى هاهنا فوقف يصلي ونمت ولا أدري ما صنع.