وسلطانه، فبينما نحن على ذلك إذ نفر المنافقون، فانتزعوا سلطان نبينا صلى الله عليه وآله وسلم منا، وولوه غيرنا، فبكت لذلك والله العيون والقلوب منا جميعا، وخشنت والله الصدور، وأيم الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين وأن يعودوا إلى الكفر، ويعور الدين (1) لكنا قد غيرنا ذلك ما استطعنا.
وقد ولي ذلك ولاة، ومضوا لسبيلهم، ورد الله الأمر إلي. وقد بايعني هذان الرجلان طلحة والزبير فيمن بايعني (2)، وقد نهضا إلى البصرة ليفرقا جماعتكم، ويلقيا بأسكم بينكم. اللهم فخذهما بغشهما لهذه الأمة، وسوء نظرهما للعامة.
فقام أبو الهيثم بن التيهان رحمه الله وقال: يا أمير المؤمنين إن حسد قريش إياك على وجهين: أما خيارهم فحسدوك منافسة في الفضل، وارتفاعا في الدرجة، وأما أشرارهم فحسدوك حسدا أحبط الله به أعمالهم، وأثقل به أوزارهم، وما رضوا أن يساووك حتى أرادوا أن يتقدموك، فبعدت عليهم الغاية، وأسقطهم المضمار، وكنت أحق قريش بقريش، نصرت نبيهم حيا، وقضيت عنه الحقوق ميتا، والله ما بغيهم إلا على أنفسهم، ونحن أنصارك وأعوانك، فمرنا بأمرك، ثم أنشأ يقول:
إن قوما بغوا عليك وكادوك * وعابوك بالأمور القباح ليس من عيبها جناح بعوض * فيك حقا ولا كعشر جناح أبصروا نعمة عليك من الله و * قرما يدق قرن النطاح (3) وإماما تأوي الأمور إليه * ولجاما يلين غرب الجماح (4)