عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم وإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم.
* الشرح:
قوله (لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم.. اه) دل على تحريم ابتدائهم بالتسليم ولا ينافي ذلك ما سيجيء في هذا الباب، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام): أرأيت أن احتجت إلى متطبب وهو نصراني أن أسلم عليه وأدعوا له؟ قال: «نعم ولا ينفعه دعاؤك» لأن هذا محمول على حال الضرورة والاحتياج إليه والتحريم على حال الاختيار وكذا لا ينافي ما مر «افشوا سلام الله فإن سلام الله لا ينال الظالمين» لأن هذا عام مخصوص بهذا الحديث وقوله «فقولوا وعليكم» بالواو وفي الرواية المتقدمة على هذه الرواية «فقولوا عليك» وفي رد الرسول (صلى الله عليه وآله) عليكم وفي الرواية المتأخرة عليها قل: عليك ويقول: عليكم بدون الواو وروايات العامة أيضا مختلفة في بعضها بالواو وفي بعضها بدونها والمعنى بدون الواو ظاهر لأن المقصود حينئذ أن الذي تقولون علينا مردود عليكم، وأما مع الواو فمشكل لأن الواو يقتضي اثبات ما قالوا على نفسه وتقريره عليها حتى يصح العطف فيدخل معهم فيما دعوا به ولهذا قال محيى الدين البغوي نقلا عن بعضهم والمختار في الرد عليكم بدون الواو.
وقال ابن الأثير: قال الخطابي: عامة المحدثين يروون وعليكم بإثبات واو العطف وكان ابن عيينة يرويه بغير واو وهو الصواب لأنه إذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوه نفسه مردودا عليهم خاصة، وإذا أثبت الواو وقع الاشتراك معهم فيما قالوه لأن الواو تجمع بين الشيئين والمثبتون للواو اختلفوا فقال بعضهم: إنها للإستيناف لا للعطف فلا يقتضي المشاركة. وقال عياض: هذا بعيد والأولى أن يقال: الواو على بابها من العطف غير أنا نجاب فيهم ولا يجابون فينا كما دل عليه الحديث ثم قال: حذف الواو أحسن معنى واثباتها أصح رواية وأشهر. أقول: ما اختاره ليس بأولى لأن المفسدة هي قبول المجيب دعاءهم على نفسه وتقريره عليها وقبوله المشاركة وهي باقية غير مدفوعة بما ذكره، ثم أقول: يمكن أن يقال: إذا علم أنهم قالوا: السام عليك يجيب بعليكم دون واو كما فعله النبي (صلى الله عليه وآله) وإذا علم أنهم قالوا: السلام عليك كما هو المعروف في التحية يجيب وعليكم فيقبل سلامهم على نفسه ويقررها عليها ويأتي بلفظ يفيد ذلك إلا أن ذلك لا ينفعهم وفائدته مجرد الرفق وتأليف القلوب وكذا يصح أن يجيب بعليك دون واو وبذلك يتحقق الجمع بين الروايات. ثم ان الأمر بردهم على سبيل الرخصة والجواز دون الوجوب وان احتمل نظرا إلى ظاهره كما نقل عن ابن عباس والشعبي وقتادة من علماء العامة واستدلوا بعموم الآية (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن