آخرتهم في دنياهم وذكرت إني ثبطت الناس عنك لرغبتي فيما في يديك، وما منعني من مدخلك الذي أنت فيه لو كنت راغبا ضعف عن سنة ولا قلة بصيرة بحجة ولكن الله تبارك وتعالى خلق الناس أمشاجا وغرائب وغرائز، فأخبرني عن حرفين أسألك عنهما: ما العترف في بدنك وما الصهلج في الإنسان؟ ثم اكتب إلي بخبر ذلك وأنا متقدم إليك، أحذرك معصية الخليفة وأحثك على بره وطاعته وأن تطلب لنفسك أمانا قبل أن تأخذك الأظفار ويلزمك الخناق من كل مكان، فتروح إلى النفس من كل مكان ولا تجده حتى يمن الله عليك بمنه وفضله، ورقة الخليفة - أبقاه الله - فيؤمنك ويرحمك ويحفظ فيك أرحام رسول الله (صلى الله عليه وآله) والسلام على من أتبع الهدى «إنا قد أوحي إلينا ان العذاب على من كذب وتولى».
قال الجعفري: فبلغني أن كتاب موسى بن جعفر (عليهما السلام) وقع في يدي هارون فلما قرأه قال:
الناس يحملوني على موسى بن جعفر وهو بريء مما يرمى به.
تم الجزء الثاني من كتاب الكافي ويتلوه بمشيئة الله وعونه الجزء الثالث وهو باب كراهية التوقيت والحمد لله رب العالمين والصلام والسلام على محمد وآله أجمعين.
* الشرح:
قوله (فإني أوصي نفسي بتقوى الله) تقواه طريقه المسلوك إليه وهي في الحقيقة خشيته المستلزمة للسداد في الطاعات والإعراض عن المنهيات ووصية الرجل نفسه بها ربطها بها وحملها عليها ووصية الغير بها تذكيرة لها وأمره بها ليرتكبها ويلتزمها.
قوله (من تحننك مع خذلانك) أي من شوقك إلى الدنيا وميلك إلى أغراضها وإمارتها مع عدم وجدانك إياها.
قوله (للرضا من آل محمد) أي للمرضي منهم، أراد به نفسه لزعمه أن كل من خرج من ولد فاطمة (عليهما السلام) بالسيف ويدعو الخلق إلى نفسه فهو واجب الاتباع.
قوله (وقد احتجبتها) أي ما قبلت الدعوة ومع ذلك منعت غيرك ممن تبعك منها لزعمك أنك صاحب الدعوة ومالك هذا الأمر.
قوله (واحتجبها أبوك من قبلك) إشارة إلى ما فعله (عليه السلام) بالنسبة إلى ابن عمه محمد بن عبد الله بن الحسن.
قوله (وقديما ادعيتم ما ليس لكم) من أمر الخلافة واستحقاق الإمامة، أراد بالزمان القديم زمان علي بن الحسين (عليهما السلام) لزعمه أن الإمامة بعد الحسين (عليه السلام) انتقلت إلى ولد الحسن وذلك ظن الذين لا يوقنون.
قوله (فاستهويتم وأظللتم) أي فأردتم شيئا وأحببتم إياه، أوقعتم في وهدة الضلال وأظللتم