كثيرا من الناس، قال ذلك ظنا بأن كل من تبع علي بن الحسين وأولاده الطاهرين فهو في ضلال، ذلك ظن الذين لا يؤمنون.
قوله (ما حذرك الله من نفسه) من العقوبة الدنيوية والاخروية لمخالفة أمره وأمر أولي الأمر، ولعل هذا الكتاب تدليس منه ليرجع إليه الجاهلون، فإن أصحاب الباطل في كل عصر يحتاجون في ترويج باطلهم إلى أمثال هذه الأقاويل الفاسدة.
قوله (من موسى بن عبد الله جعفر وعلي مشتركين في التذلل لله وطاعته) جعفر وعلي بدل من عبد الله ومشتركين حال عنهما وإنما ذكر عليا مع أن المكتوب إليه لا ينكر فضله للتنبيه على أن منهج جعفر منهجه وطريقته طريقته.
قوله (أما بعد فإني أحذرك الله ونفسي) قدم المخاطب لأنه أولى بالتحذير وضم نفسه لأنه أدخل في النصيحة وأقرب من القبول.
قوله (وأعلمك أليم عذابه) في العدول من التحذير إلى الاعلام اعلام بوقوع ذلك ولزومه والمعطوفات متغايرة، وان كان العذاب العقوبة والنقمة متقاربة لأن الأليم وصف للعذاب باعتبار تعلقه بالغير وتأثيره فيه إيلاما وإيجاعا والشدة وصف للعقوبة باعتبار تحقق الزيادة فيها والتكامل وصف للنعمة باعتبار بلوغها إلى الغاية ووصولها إلى النهاية، اما بالنظر إلى ذاتها، أو باعتبار كمال السبب ونهاية قوته لأن المسببات تابعة للأسباب في القوة والضعف.
قوله (فإنها زين الكلام وتثبيت النعم) اسم ان راجع إلى الوصية أو إلى التقوى والخبر الأول يناسب الأول والخبر الثاني يؤيد الثاني، أما أنها زين الكلام فلأن زينة الكلام باعتبار اشتماله على الخبر النافع في الدارين فكلما كان اشتماله عليه أكثر كانت زينته أوفر ولا شبهة في أن الوصية بالتقوى مشتملة على جميع الخيرات لأن التقوى عبارة عن الإتيان بجميع الطاعات والاجتناب عن جميع المنهيات فلا شبهة اذن في أنها زين الكلام، وأما انها تثبيت النعم فلان كل خير وطاعة فهو حافظ للنعم الواصلة مثبتة إياها كما يرشد إليه قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) والتقوى لكونها شاملة لجميع الخيرات كانت أولى بحفظها وتثبيتها.
قوله و (ستكتب شهادتهم ويسئلون) أشار بهذا التضمين إلى أن الشهادة أمر عظيم لابد من العلم بها وهم يسئلون عنها بين يدي الله عز وجل حيث لا مفر لهم إلى الإنكار لكونها مكتوبة في دفتر أعمالهم، مودعة في أعضائهم تؤديها عند الطلب كما قال سبحانه. (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون).
قوله (ولم يدع حرص الدنيا) هذا ظاهر لأن الحرص على الدنيا يوجب حبها والميل إليها والسعي لها والتقحم في تحصيلها من أي وجه كان وكل ذلك يوجب ترك مطلب الآخرة التي هي