باب أن الإمام (عليه السلام) يعرف الإمام الذي يكون من بعده وأن قول الله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات) إلى أهلها، فيهم (عليهم السلام) نزلت * الأصل:
1 - الحسن بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ عن ابن اذينة، عن بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزوجل: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) قال: إيانا عنى، أن يؤدي الأول إلى الإمام الذي بعده الكتب والعلم والسلاح، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم، ثم قال للناس: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) إيانا عنى خاصة، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا، فإن خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم كذا نزلت، وكيف يأمرهم الله عزوجل بطاعة ولاة الأمر ويرخص في منازعتهم؟! إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
* الشرح:
قوله (الكتب والعلم والسلاح) أريد بالكتب الكتاب الذي جمعه علي بن أبي طالب (عليه السلام) والجفر الأبيض الذي فيه زبور داود وتوراة موسى وإنجيل عيسى وصحف إبراهيم ومصحف فاطمة (عليها السلام) الذي كتبه علي (عليه السلام) عند نزول جبرئيل إليها وإخباره بما يكون إلى يوم القيامة، وفيه جميع ما يحتاج إليه الناس، والجامعة وهي صحيفة كتبها علي (عليه السلام) بخطه من إملاء الرسول (صلى الله عليه وآله).
والجفر وهو مشتمل على علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا. والصحيفة التي جاء بها جبرئيل الأمين في الوصية من عند رب العالمين، وبالعلم العلم الذي اختص به الإمام وهو العلم بما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة، وبالسلاح سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثل المغفر والدرع والراية والقميص والسيف والخاتم وغيرها.
قوله (أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم) الحكم بالعدل هو الإنصاف والتسوية بين الغني والفقير والكبير والصغير والقريب والبعيد والشريف والوضيع وهو يتوقف على الكمال في القوة العقلية. واتصافها بغاية العلم ونهاية المعرفة وتميزها بين الحق والباطل، وعلى الاستقامة في القوة الغضبية، وعدم ميلها إلى جهة الإفراط والتفريط لأن جهة التفريط توجب العجز عن إقامة الحدود