باب التسليم وفضل المسلمين * الأصل:
1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن سدير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إني تركت مواليك مختلفين، يتبرأ بعضهم من بعض؟ قال:
فقال: وما أنت وذاك؟ إنما كلف الناس ثلاثة: معرفة الأئمة، والتسليم لهم فيما ورد عليهم، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه.
* الشرح:
قوله (قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) إني تركت مواليك) هذا الكلام يحتمل أمرين: أحدهما إني تركت مواليك مختلفين في الأحكام الشرعية والفروع الدينية والمسائل الكلامية حتى يبرأ بعضهم من بعض لسوء عقائده وقبح فوائده، فأجاب (عليه السلام) بقوله: وما أنت وذاك؟ يعني لا يجوز لك ولهم ذلك الاختلاف والقول بالرأي والاعتماد على العقول الناقصة وإنما يجب عليكم الرجوع إلى الأئمة والأخذ منهم حتى تسلموا من الاختلاف والبراءة، وثانيهما: إني تركت مواليك مختلفين في التودد والتحبب والتألف للتحاسد والتباغض والتشاجر حتى يبرأ بعضهم من بعض لفوات روابط الالفة بينهم فأجاب (عليه السلام) بقوله: «وما أنت وذاك» أي لا ينبغي لك لومهم بذلك لأن الناس إنما كلفوا بأمور ثلاثة مذكورة وموالينا قد تمسكوا بها فلا لوم عليهم بعد ذلك، والحصر إضافي أو حقيقي ادعائي باعتبار أن بواقي التكليف أمر هين بالنسبة إلى المذكور.
قوله (معرفة الإمام) (1) المراد بها هو الإذعان بأنه إمام والإيقان بأنه واجب الإطاعة من قبله تعالى وليس المراد بها معرفة شخصه وعينه.
قوله (والتسليم) وهو فوق الرضا لأن الراضي يرى لنفسه وجودا وإرادة إلا أنه يرضى بما صدر منهم (عليهم السلام) وإن خالف طبعه والمسلم بري من جميع ذلك، وإنما نظره إليهم.
إذا عرفت فنقول: من أصول الشريعة التسليم لهم (عليهم السلام) بكل ما جاء منهم وصدر عنهم وإن كان لا يظهر وجه حكمته للناس ولا يفهمونه فإن لله تعالى أسرارا ومصالح (2) يخفى بعضها ولا يعلمه