باب فيمن دان الله عز وجل بغير إمام من الله جل جلاله * الأصل:
1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، [عن ا] بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) قال: يعني من اتخذ دينه رأيه، بغير إمام من أئمة الهدى.
* الشرح:
قوله (عن أحمد بن محمد بن أبي نصر) هكذا في النسخ التي رأيناها، والأظهر: عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر لأن نقل العدة عن ابن أبي نصر غير ثابت.
قوله (من اتخذ دينه رأيه) أي يعتقد أن ما يقتضيه عقله ويؤديه وهمه دين له، وأصحاب الرأي أصحاب القياس وأرباب الاستحسان الذين يأخذون بآرائهم فيما يشكل من القرآن والحديث أو ما لم يأت فيه حديث ولا أثر.
* الأصل:
2 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن زرين عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير والله شانىء لأعماله، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت ذاهبة وجائية يومها، فلما جنها الليل بصرت بقطيع مع غير راعيها فحنت إليها واغترت بها، فباتت معها في ربضتها، فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها، فبصرت بغنم مع راعيها.
فحنت إليها واغترت بها فصاح بها الراعي: الحقي براعيك وقطيعك، فإنك تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك، فهجمت ذعرة متحيرة نادة لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها، فبينا هي كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله جل وعز ظاهرا عادلا; أصبح ضالا تائها، وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق.
واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله، قد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد.