بعد تقصير في ذلك وعكس هؤلاء من كان في مبدء الأمر مشمرا في سلوك سبيل الله ثم جذبه هواه إلى غير ما كان عليه وسلك به الشيطان مسلكه فاستبدل بسبقه في الدين تقصيرا وانحرافا.
قوله (والله ما كتمت وشمة ولا كذبت كذبة) الوشمة بالشين المعجمة الكلمة وبالمهملة العلامة، أقسم بالقسم البار أنه لم يكتم كلمة حق يجب عليه بيانها أو علامة من علامات الدين يتعين عليه إظهارها أنه لم يكذب قط ترويجا لما قبله من الأخبار بوقوعهم في البلية وتوطئة لقوله «ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم» أي بمقام بيعة الخلق ويوم اجتماعهم، وكل ذلك تنفير لهم عن الباطل إلى الحق وتثبيت لهم على اتباعه.
* الأصل:
2 - محمد بن يحيى والحسن بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن الحسن بن علي، عن أبي المغرا، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ويل لطغاة العرب، من أمر قد اقترب، قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: نفر يسير، قلت: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير، قال: لابد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ويستخرج في الغربال خلق كثير.
* الشرح:
قوله (من أمر قد اقترب) أراد به ظهور الحجة واستيلاءه على طغاة العرب وهم المنكرون له أو أهل الظلم والفساد ومبدء الجور والعناد.
قوله (لابد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا) أي لابد لهم من أن يختبروا بالمخمصة والمجاعة ويبتلوا بالمجاهدة والمشقة ويمتحنوا بالمخاوف والمكاره والتكاليف الشاقة وغيرها من أنواع المحن والبلايا ويميزوا ليمتاز المطيع من العاصي والسعيد من الشقي ويغربلوا ويستخرج في الغربال خلق كثير وإلى هذا المعنى يشير ما رواه مسلم عن عائشة قالت: «سمعت عن رسول الله (عليه السلام) يقول، لا يذهب الليل والنهار حتى يعبد اللات والعزى فقلت: يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله عز وجل (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق - إلى قوله - ولو كره المشركون) إن ذلك تام قال: إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفى كل مسلم من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم» (1) وفي رواية أخرى «لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه» (2) قال أبو عبد الله الآبي في قول عائشة: