بالحبس الوقف احتمالا بعيدا، وادخار المال جعله ذخيرة ليوم الحاجة وأصله اذتخار وهو افتعال من الذخر يقال: ذخر يذخر ذخرا، فهو ذاخر واذتخر يذتخر فهو مذتخر، فلما أرادوا أن يدغموا ليخف النطق قلبوا التاء إلى ما يقاربها من الحروف وهو الدال المهملة لأنهما من مخرج واحد فصارت اللفظة اذدخر بذال ودال ولهم حينئذ فيه مذهبان: أحدهما وهو الأكثر أن تقلب الذال المعجمة دالا وتدغم فيها فتصير دالا مهملة مشددة، والثاني وهو الأقل أن تقلب الدال المهملة ذالا وتدغم فتصير ذالا مشددة معجمة وهذا العمل مطرد في أمثاله كما ذكر في موضعه.
قوله (إلا وقد سيبته حيث رأيتم) أي أعطيته حيث رأيتم من ذوي الاستحقاق والسيب العطاء، وفي بعض النسخ «وقد سبلته» يعني جعلته في سبل الخير وصرفته فيها وفي بعضها «وقد شتته» يعني فرقته فيها.
قوله (من رأى علينا) مفعول جعل وأصله رأيا علينا زيدت «من» لزيادة العموم يعني ما جعل الله لك شيئا من أفراد الرأي والتدبير والتصرف والزيادة علينا ولكن حسد أبينا ظاهر منك لنا وإرادة أبينا فيك ما أراد من تفوقك علينا وهو ما لا يسوغه الله إياه ولا إياك جعلا لك علينا فضلا وزيادة وتفوقا، وهذا الكلام منه من غاية الركاكة وسوء الأدب بل يشم منه رائحة الارتداد والكفر والله غفور رحيم.
قوله (وإنك لتعرف أني أعرف صفوان بن يحيى بياع السابري بالكوفة) صفوان بن يحيى كان ثقة عينا ورعا عابدا زاهدا وكان وكيل الكاظم (عليه السلام) وقد بذل له جماعة من الواقفة مالا كثيرا للوقف فلم يقبل منهم وسلم مذهبه منه ثم كان وكيلا للرضا وأبي جعفر الثاني (عليهما السلام) وكانت له عندهما منزلة شريفة (رحمه الله).
قوله (ولئن سلمت لأغصصنه بريقه وأنت معه) يقال: غصصت بالماء أغص من باب علم غصصا بالتحريك فأنا غاص وغصان إذا وقف في حلقك فلم تكد تسيغه وأغصصته أنا وهذا كناية عن تشديد الأمر عليه، وفي بعض النسخ لأغصصنه على صيغة المتكلم من الماضي.
قوله (رفيق عليهم) الرفيق فعيل بمعنى فاعل وهو إما بالفاء من الرفق ضد الخرق والعنف أعني الرأفة والتلطف وقد رفق به يرفق من باب نصر فهو رفيق، أو بالقاف من الرقة ضد القسوة والشدة أعني الضعف واللينة، وقد رق له قلبه إذا رحمه، وإنما عداه بعلى لتضمين معنى الحفظ أو نحوه.
قوله (أعنى بأمورهم) بضم الهمزة وفتح النون أو بفتحها وكسر النون تقول: عنيت بحاجتك بضم أوله أعني بها كذلك فأنا بها معني على مفعول وعنيت بها فأنا عان، والأول أكثر أي اهتممت بها واشتغلت في تحصيلها من العناية وهي الحفظ فإن من عنى بشيء حفظه وحرسه.