يحاسب الخلق على أعمالهم دفعة واحدة لا يشغله كلام عن كلام كما قال عز من قائل (وهو سريع الحساب) وأما الحكماء فقالوا: لما كانت حقيقة المحاسبة تعود إلى تعريف الإنسان ماله وما عليه وكان ما يحصل في النفوس من الملكات الخيرية والشرية بتكرر أعمال الخير والشر أمورا مضبوطة في جوهرها ينكشف لها انكشافا تاما في الآن الذي ينقطع فيه علاقتها مع البدن أشبه ذلك ما يتبين للإنسان عند المحاسبة مما أحصى له وعليه وأطلق عليه لفظ الحساب مجازا أو حقيقة، والمراد بالقضاء إما القضاء والقدر وإما الحكم على وفق الحكمة على الإطلاق واما الحكم بالخلود في الجنة والخلود في النار.
قوله (وإن الوقوف بين يدي الله حق) تمثيل لقصد الإيضاح وهذا الوقوف لأجل الحساب وخروج الخلق عن جرائم أعمالهم متفاوت في السهولة والصعوبة وبحسب تفاوت الدرجات والمقامات والله غفور رحيم.
قوله (وإن ما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) حق وان ما نزل به الروح الأمين حق) الروح الأمين إما القرآن أو جبرئيل (عليه السلام) وعلى الثاني يمكن أن يراد بالموصول القرآن فالعطف على التقديرين من باب عطف الخاص على العام لشدة الاهتمام ويمكن أن يراد به التأكيد أيضا.
قوله (وإني قد أوصيت إلى علي وبني بعد معه) شارك بنيه مع علي (عليه السلام) وفوض أمرهم إليه إن شاء أن يدخلهم أدخلهم وإن شاء أن يخرجهم أخرجهم سواء آنس وعلم منهم رشدا وصلاحا في القول والعمل أو أنس عدمه، وبالجملة الأمر له انفرادا واجتماعا ولا أمر لهم معه لا انفرادا ولا اجتماعا فإن علم أمرا خيرا كان له فعل ذلك الأمر وليس لهم الاعتراض عليه.
قوله (وأوصيت إليه بصدقاتي) كان له (عليه السلام) صدقات من جملتها أنه تصدق بعض أراضيها بجميع حقوقها على ولده من صلبه للذكر مثل حظ الاثنين وعلى ولد أبيه من أمه بعد انقراض ولده وعلى ولد أبيه بعد انقراض ولد أبيه من أمه وأخرج البنات بعد التزويج إلى أن ترجع بلا زوج وأولاد البنات إلا أن يكون آباؤهم من أولاده وأولاد أبيه.
قوله (وأموالي) لعل المراد بها الموقوفات أو الثلث أو حصص الصغار والله أعلم.
قوله (وموالي) يحتمل أن يراد بهم العبيد والمعتق والعصبة والشيعة كلهم.
قوله (إلى إبراهيم والعباس) لعل المراد أوصيت إلى إبراهيم فهو عطف على إليه بحذف العاطف، وفي كتاب العيون «وإلى إبراهيم» بالواو وهو الأظهر وقيل: إلى ههنا بمعنى مع.
قوله (وإلى علي أمر نسائي وثلث صدقة أبي وثلثي) أي أوصيت إلى علي (عليه السلام) وحده هذه الأمور الثلاثة ولعل المراد بالثلث الثلث الذي كان له (عليه السلام) من أجل ولاية الوقف ووكالته فجعله