المرتضى وابن طاووس طاب رمسهما من ثبوت الخيار لكل من المتبايعين في خيار بيع الحيوان خلافا للمشهور من أن صحيحة محمد بن مسلم الدالة على ثبوت الخيار على الاطلاق أرجح بحسب السند من صحيحة ابن رئاب المحكية عن قرب الإسناد، وقد صرحوا بترجيح رواية مثل محمد بن مسلم وزرارة (رحمهما الله)، وإضرابهما عن غيرهما من الثقات، مضافا إلى ورودها في الكتب الأربعة المرجحة على غيرها مثل كتاب قرب الإسناد والكتب والأصول التي لم يلتفت إليها أكثر أصحابنا (رضي الله عنهم) من بعد غفلتهم عنها وعن مراجعتها.
وهذا الترجيح قد كان متداولا من الاعصار الماضية بين الاعلام من الفقهاء العظام من أرباب الحلل والعقد، فلا يقال: ما الفرق بين حديثين إذا كانا صحيحين؟ لان مؤلفي الكتب الأربعة قد ضمنوا صحة ما ضبطوا فيها لبا، مع ما لهم من الجلالة، مضافا إلى اعتبار شخص الراوي وجلالته، مثلا لا يقاس جابر بن عبد الله الأنصاري بغيره ولو كان ثقة عدلا اماميا، وكذلك نظراؤه كسلمان أو كميل أو ميثم أو رشيد أو غيرهم من أصحاب أمير المؤمنين، فليس عجبا إذا قلنا إن كتاب الكافي مثلا لا يقاس بقرب الاسناد، فللكتاب من حيث مؤلفه مدخلية في الجملة بالنسبة إلى رواياته، وذلك لان اعتبار الكتب تابع لاعتبار مؤلفيها، وهذا أصل عقلائي عرفي.
ومن ذلك: ما وقع للمحدث الفقيه البحراني (رحمه الله) في الحدائق عند الكلام في وجوب الابتداء بغسل الوجه حيث إنه حكم باعتبار ضعاف الاخبار نظرا إلى الأصول المشهورة المعتبرة فقال: وروى الحميري في كتاب قرب الإسناد عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي جرير الرقاشي قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام).. إلى أن قال: والكتاب المذكور من الأصول المعتبرة المشهورة فلا يضر ضعف الراوي (1). انتهى كلامه (رضي الله عنه).