ومما ألقينا عليك ظهر اشكال على النجاشي، وهو: ان ما ذكر من أن له قرب الإسناد إلى الرضا والى ابن الرضا أبي جعفر الجواد، والى صاحب الامر (عليهم السلام)، فقد عرفت ان قرب الإسناد هذا المعروف ينتهي جزؤه الأول إلى جعفر الصادق (عليهما السلام)، وجزؤه الثاني ينتهي إلى موسى بن جعفر (عليه السلام)، وجزؤه الثالث ينتهي إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فاما إن كان مراد النجاشي هذا الكتاب الذي وقف عليه جل الأصحاب ورووا عنه فاشتبه عليه ذكر أسامي الأئمة الذين روى عنهم، وذلك بعيد جدا، واما ان نقول: إنه يريد بكلامه ان له قرب الإسناد إلى الرضا، والى أبي جعفر، والى صاحب الامر عليهم الصلاة والسلام كتابا غير هذا المعروف بين أظهرنا، بل ثلاث كتب متفرقة مستقلة يسمى كل منها بقرب الاسناد، وجزء من هذا القرب الاسناد - أعني مسندات الجزء الثاني منه - واحد من الثلاث التي لم نقف عليه واطلع النجاشي عليها، فهذا أيضا أبعد من الأول، لأن عدم اطلاع مثل شيخ الطائفة وابن شهرآشوب ونظائرهما من الاعلام، مع طول باعهم وكمال تتبعهم وقرب عهدهم بزمان المؤلف وولده، مما لا تحكم العادة بوقوعه من هؤلاء الاعلام والفحول، ولا يركن الخبير بقبوله، وإن كان أحد الاحتمالات، ولكن في فن الرجال قد وقع زلل كثير من الاعلام، واشتبه على بعض الأكابر أسماء بعض معاريف الرواة من اجلاء الفن كمحمد بن أحمد بن عيسى، وأحمد بن محمد بن عيسى، وكما لا يلائم عبارة النجاشي في رجاله حيث قال في ترجمة صاحب قرب الإسناد ما سمعت: من أنه عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري، وقد قال في ترجمة محمد ولده: محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك الحميري، ولا يخلو أحدهما من سهو، ونظائر هذا وقع مرارا عن النجاشي يطول الكلام بذكرها، وان أردت الوقوف عليها فعليك بكتاب زلات الاقدام للشيخ المعاصر الرجالي ابن أبي المعالي الحاج ميرزا هدى (رحمه الله) على ما أفاد في بعض
(مقدمة التحقيق ١٥)