ولذاتها وزخارف مناظرها، ولذهلت بالفكر في اصطفاق أشجار (1) غيبت عروقها في كثبان المسك على سواحل أنهارها، وفي تعليق كبائس اللؤلؤ الرطب في عساليجها وأفنانها (2)، وطلوع تلك الثمار مختلفة في غلف أكمامها (3). تحنى من غير تكلف (4) فتأتي على منية مجتنيها، ويطاف على نزالها في أفنية قصورها بالأعسال المصفقة (5)، والخمور المروقة. قوم لم تزل
الكرامة تتمادى بهم حتى حلوا دار القرار (6)، وأمنوا نقلة الأسفار. فلو شغلت قبلك أيها المستمع بالوصول إلى ما يهجم عليك من تلك المناظر المونقة (7) لزهقت نفسك شوقا إليها، ولتحملت من مجلسي هذا إلى مجاورة أهل
القبور استعجالا بها. جعلنا الله وإياكم ممن سعى بقلبه إلى منازل الأبرار برحمته.
(تفسير بعض ما في هذه الخطبة من الغريب (*) قوله عليه السلام ويؤر بملاقحة الأر كناية عن النكاح، يقال أر المرأة
____________________
الدنيا كما تكره الإبل الثمام أو لتألمت نفسك من النظر والتناول لما تراه من بدائع الدنيا كما تألم بطون الإبل من أكل الثمام (1) اصطفاق الأشجار: تضارب أوراقها بالنسيم بحيث يسمع لها صوت. والكثبان - جمع كثيب - وهو التل (2) جمع فنن - بالتحريك - وهو الغصن (3) غلف بضمتين - جمع غلاف - والأكمام جمع كم بكسر الكاف - وهو وعاء الطلع وغطاء النوار (4) تحنى من حناه حنوا عطفه (5) المصفاة (6) قوله قوم الخ أي هم قوم أي نزال الجنة قوم شأنهم ما ذكره (7) المونقة: المعجبة