ألا وإنكم قد أمرتم بالظعن (3). ودللتم على الزاد. وإن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل. تزودوا من الدنيا ما تحرزون أنفسكم به غدا (4) (أقول) لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزهد في الدنيا ويضطر إلى عمل الآخرة لكان هذا الكلام.
وكفى به قاطعا لعلائق الآمال. وقادحا زناد الاتعاظ والازدجار. ومن أعجبه قوله عليه السلام (ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق.
والسبقة الجنة والغاية النار) فإن فيه مع فخامة اللفظ وعظم قدر المعنى وصادق التمثيل وواقع التشبيه سرا عجيبا ومعنى لطيفا وهو قوله عليه السلام (والسبقة الجنة والغاية النار) فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين. ولم يقل السبقة النار كما قال: السبقة الجنة لأن
____________________
(1) من أعجب العجائب الذي لم ير له مثيل أن ينام طالب الجنة في عظمها واستكمال أسباب السعادة فيها، وأن ينام الهارب من النار في هولها واستجماعها أسباب الشقاء (2) النفع الصحيح كله في الحق. فإن قال قائل إن الحق لم ينفعه فالباطل أشد ضررا له، ومن لم يستقم به الهدى المرشد إلى الحق أي لم يصل به إلى مطلوبه من السعادة جرى به الضلال إلى الردى والهلاك (3) الظعن الرحيل عن الدنيا وأمرنا به أمر تكوين أي كما خلقنا الله خلق فينا أن نرحل عن حياتنا الأولى لنستقر في الأخرى.
والزاد الذي دلنا عليه هو عمل الصالحات وترك السيئات (4) تحرزون أنفسكم تحفظونها
والزاد الذي دلنا عليه هو عمل الصالحات وترك السيئات (4) تحرزون أنفسكم تحفظونها