مهطعين إلى معاده (2). رعيلا صموتا قياما صفوفا ينفذهم البصر (3) ويسمعهم الداعي. عليهم لبوس الاستكانة (4). وضرع الاستسلام والذلة. قد ضلت الحيل. وانقطع الأمل. وهوت الأفئدة كاظمة (5) وخشعت الأصوات مهينمة. وألجم العرق. وعظم الشفق وأرعدت
____________________
ذلك أن الدنيا لا تزال تغر بنيها ليأنسوا إليها بالارتياح إلى لذائذها واستسهال احتمال آلامها ثم تنقلب بهم إلى ما لا بد منه وهم في غفلة لاهون (1) أزف النشور قرب البعث، والضمير في أخرجهم إلى البعث على سبيل المجاز أو إلى الله تعالى. والضرائح جمع ضريح الشق وسط القبر وأصله من ضرحه دفعه وأبعده فإن المقبور مدفوع منبوذ وهو أبعد الأشياء عن الأحياء. والأوكار جمع وكر مسكن الطير. والأوجرة جمع وجار ككتاب الجحر، والذين يبعثون من الأوكار والأوجرة هم الذين افترسهم الطيور الصائدة والسباع الكاسرة (2) مهطعين أي مسرعين إلى معاده سبحانه الذي وعد أن يعيدهم فيه، وقوله الرعيل القطعة من الخيل. شبههم في تلاحق بعضهم ببعض برعيل الخيل أي الجملة القليلة منها لأن الاسراع لا يدع أحدا منهم ينفرد عن الآخر فإن الانفراد من الإبطاء، ولا يدعهم يجتمعون جما فإن التضام والالتفاف إنما يكون من الاطمئنان (3) ينفذهم البصر بجاوزهم أي يأتي عليهم ويحيط بهم أي لا يعزب واحد منهم عن بصر الله (4) اللبوس بالفتح ما يلبس. والاستكانة الخضوع. والضرع بالتحريك الوهن والضعف والخشوع، هذا لو جعلنا عليهم متعلقا بمحذوف خبر عن لبوس وضرع فإن جعلناه متعلقا بالداعي بمعنى المنادي والصائح عليهم جعلنا لبوس جملة مبتدأه، ويكون لبوس جمع لابس، وضرع محركة اسم جمع للضريع بمعنى الذليل (5) هوت القلوب خلت من المسرة والأمل من النجاة، كاظمة أي ساكنة كاتمة لما