وليس في شئ مما ذكر إثبات واحد منهما، بخلاف ما إذا وجدت قبل التعديل فإنها كافية في الدفع كما مر، كذا قاله منلا خسرو وغيره.
فإن قلت: لا نسلم أنه ليس فيما ذكر إثبات واحد منهما: يعني حق الله تعالى وحق العبد، لان إقرارهم بشهادة الزور أو شرب الخمر مع ذهاب الرائحة موجب للتعزير وهو هنا من حقوق الله تعالى.
قلت: الظاهر أن مرادهم بما يوجب حقا لله تعالى الحد لا التعزير لقولهم: وليس في وسع القاضي إلزامه لان يدفعه بالتوبة، لان التعزير حق الله تعالى يسقط بالتوبة، بخلاف الحد لا يسقط بها، والله تعالى أعلم اه.
قلت: لكن صرح في تعزير البحر أن الحق لله تعالى لا يختص بالحد بل أعم منه ومن التعزير، وصرح هناك أيضا بأن التعزير لا يسقط بالتوبة، إلا أن يقال: إن مراده به ما كان حقا للعبد لا يسقط بها. تأمل. قوله: (كإقرار المدعي) قال في البحر: لا يدخل تحت الجرح ما إذا برهن على إقرار المدعي بفسقهم أو أنهم أجراء أو لم يحضروا الواقعة أو على أنهم محدودون في قذف أو على رق الشاهد أو على شركة الشاهد في العين، وكذا قال في الخلاصة للخصم أن يطعن بثلاثة أشياء: أن يقول هما عبدان، أو محدودان في قذف، أو شريكان، فإذا قال هما عبدان يقال للشاهدين: أقيما البينة على الجرية، وفي الآخرين يقال للخصم: أقم البينة أنهما كذلك ا ه، فعلى هذا الجرح في الشاهد إظهار ما يخل بالعدالة لا بالشهادة مع العدالة، فإدخال هذه المسائل في الجرح المقبول كما فعل ابن الهمام مردود، بل من باب الطعن ما في الخلاصة. وفي خزانة الأكمل: لو برهن على إقرار المدعي بفسقهم أو بما يبطل شهادتهم يقبل، وليس هذا بجرح وإنما هو من باب إقرار الانسان على نفسه ا ه. وهذا لا يرد على المصنف فكان على الشارح أن لا يذكر قوله: الجرح المركب فإنها زيادة ضرر. قوله: (بقذف) لان من تمام حده رد شهادته وهو من حقوق الله تعالى. قوله: (ولم يتقادم العهد) بأن لم يزل الريح في الخمر ولم يمض شهر في الباقي، قيد بعدم التقادم، إذ لو كان مقادما لا تقبل لعدم إثبات الحق به لان الشهادة بحد متقادم مردودة. منح. وما ذكره المصنف بقوله: ولم يتقادم العهد وفق به الزيلعي بين جعلهم هم زناة شربة الخمر من المجرد وجعلهم زنوا أو سرقوا من غيره ونقل عن المقدسي أن الأظهر أن قولهم زناة أو فسقة أو شربة أو أكلة ربا اسم فاعل، وهو قد يكون بمعنى الاستقبال فلا يقطع بوصفهم بما ذكر، بخلاف الماضي ا ه ملخصا. وهو حسن جدا لأنه من المتبادر من تخصيصهم في التمثيل للأول باسم الفاعل وللثاني بالماضي. قوله: (أو شركاء) فيما إذا كانت الشهادة في شركتهما. منح.
والمراد أن الشاهد شريك مفاوض، فمهما حصل من هذا الباطل يكون له فيه منفعة، لا أن يراد أنه شريكه في المدعى به وإلا كان إقرارا بأن المدعى به لهما. فتح، ومثله في القهستاني. وما في البحر من حمله على الشركة عقدا يشمل بعمومه العنان ولا يلزم منه نفع الشاهد فكأنه سبق قلم. وعلى ما قلنا