بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٣٩
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكلون لحوم الخيل في مغازيهم فهذا يدل على أنهم كانوا يأكلونها في حال الضرورة كما قال الزهر رحمه الله أو يحمل على هذا عملا بالدليل صيانة لها عن التناقض أو يترجح الحاضر على المبيح احتياطا وهذا الذي ذكرنا حجج أبي حنيفة رضي الله عنه على رواية الحسن انه يحرم أكل لحم الخيل (وأما) على ظاهر الرواية عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يكره أكله ولم يطلق التحريم لاختلاف الأحاديث المروية في الباب واختلاف السلف فكره أكل لحمه احتياطا لباب الحرمة وأما المتوحش منها نحو الظباء وبقر الوحش وحمر الوحش وابل الوحش فحلال باجماع المسلمين ولقوله تبارك وتعالى يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وقوله عز شأنه ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وقوله سبحانه وتعالى كلوا من طيبات ما رزقناكم ولحوم هذه الأشياء من الطيبات فكان حلالا وروى أنه لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر فقال الأهلية فقيل نعم فدل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم على اختلاف حكم الأهلية والوحشية وقد ثبت أن الحكم في الأهلية الحرمة لما ذكرنا من الدلائل فكان حكم الوحشية الحل ضرورة وروى أن رجلا من فهر جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهو بالروحاء ومع الرجل حمار وحشي عقره فقال هذه رميتي يا رسول الله وهي لك فقبله النبي عليه الصلاة والسلام وأمر سيدنا أبا بكر رضي الله عنه فقسمه بين الرفاق والحديث وان ورد في حمار الوحش لكن احلال الحمار الوحشي احلال للظبي والبقر الوحشي والإبل الوحشي من طريق الأولى لان الحمار الوحشي ليس من جنسه من الأهلي ما هو حلال بل هو حرام وهذه الأشياء من جنسها من الأهلي ما هو حلال فكانت أولى بالحل وأما المستأنس من السباع وهو الكلب والسنور الأهلي فلا يحل وكذلك المتوحش منها المسمى بسباع الوحش والطير وهو كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير لما روى في الخبر المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وعن الزهري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذي ناب من السباع حرام فذو الناب من سباع الوحش مثل الأسد والذئب والضبع والنمر والفهد والثعلب والسنور البري والسنجاب والفنك والسمور والدلق والدب والقرد والفيل ونحوها فلا خلاف في هذه الجملة أنها محرمة الا الضبع فإنه حلال عند الإمام الشافعي رحمه الله واحتج بما روى عن عطاء عن جابر رضي الله عنهما أنه قال في الضبع كبش فقلت له أهو صيد فقال نعم فقلت يؤكل فقال نعم فقلت أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم (ولنا) ان الضبع سبع ذو ناب فيدخل تحت الحديث المشهور وما روى ليس بمشهور فالعمل بالمشهور أولى على أن ما روينا محرم وما رواه محلل والمحرم يقضى على المبيح احتياطا ولا بأس بأكل الأرنب لما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدى له اعرابي أرنبة مشوية فقال لأصحابه كلوا وعن محمد بن صفوان أو صفوان بن محمد أنه قال أصبت أرنبتين فذبحتهما بمروة وسألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني بأكلهما وذو المخلب من الطير كالبازي والباشق والصقر والشاهين والحدأة والنعاب والنسر والعقاب وما أشبه ذلك فيدخل تحت نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ذي مخلب من الطير وروى أنه نهى عن كل ذي خطفة ونهبة ومجثمة وعن كل ذي ناب من الطير والمجثمة روى بكسر الثاء وفتحها من الجثوم وهو تلبد الطائر الذي من عادته الجثوم على غيره ليقتله وهو السباع من الطير فيكون نهيا على أكل كل طير هذا عادته وبالفتح هو الصيد الذي يجثم عليه طائر فيقتله فيكون نهيا عن أكل كل طير قتله طير آخر بجثومه عليه وقيل بالفتح هو الذي يرمى حتى يجثم فيموت وما لا مخلب له من الطير فالمستأنس منه كالدجاج والبط والمتوحش كالحمام والفاختة والعصافير والقبج والكركي والغراب الذي يأكل الحب والزرع والعقعق حلال بالاجماع (فصل) وأما بيان ما يكره من الحيوانات فيكره أكل لحوم الإبل الجلالة وهي التي الأغلب من أكلها النجاسة لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الإبل الجلالة ولأنه إذا كان الغالب من أكلها النجاسات
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306