بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٣٠٩
الفسخ كالرد بخيار الشرط والرؤية والعيب عند أبي حنيفة وزفر فإن لم يكن بان ازداد زيادة تمنع الفسخ بهذه الأسباب لا تصح الإقالة عندهما وعند أبي يوسف ومحمد هذا ليس بشرط أما على أصل أبي حنيفة وزفر فظاهر لان الإقالة عندهما فسخ للعقد فلابد وأن يكون المحل محتملا للفسخ فإذا خرج عن احتمال الفسخ خرج عن احتمال الإقالة ضرورة (وأما) على أصل أبى يوسف فلأنها بعد القبض بيع مطلق وهو بعد الزيادة محتمل للبيع فبقي محتملا للإقالة (وأما) على أصل محمد وإن كانت فسخا لكن عند الامكان ولا امكان ههنا لأنا لو جعلناها فسخا لم يصح ولو جعلناها بيعا لصحت فجعل بيعا لضرورة الصحة فلهذا اتفق جواب محمد مع جواب أبى يوسف في هذا الفصل (ومنها) قيام المبيع وقت الإقالة فإن كان هالكا وقت الإقالة لم تصح فاما قيام الثمن وقت الإقالة فليس بشرط (ووجه) الفرق ان إقالة البيع رفعه فكان قيامها بالبيع وقيام البيع بالمبيع لا بالثمن لأنه هو المعقود عليه على معنى ان العقد ورد عليه لا على الثمن لأنه يرد على المعين والمعين هو المبيع لا الثمن لأنه لا يحتمل التعيين وان عين لأنه اسم لما في الذمة فلا يتصور ايراد العقد عليه دل ان قيام البيع بالمبيع لا بالثمن فإذا هلك لم يبق محل حكم البيع فلا يبقى حكمه فلا يتصور الإقالة التي هي رفع حكم البيع في الحقيقة وإذا هلك الثمن فمحل حكم البيع قائم فتصح الإقالة وعلى هذا يخرج ما إذا تبايعا عينا بدين كالدراهم والدنانير عينا أو لم يعينا والفلوس والمكيل والموزون والعدديات المتقاربة الموصوفة في الذمة ثم تقايلا أنهما أن تقايلا والعين قائمة في يد المشترى صحت الإقالة سواء كان الثمن قائما في يده أو هالكا لقيام حكم البيع بقيام المعقود عليه وان تقايلا بعد هلاك العين لم تصح وكذا إن كانت قائمة وقت الإقالة ثم هلكت قبل الرد على البائع بطلت الإقالة سواء كان الثمن قائما أو هالكا لان الإقالة فيها معنى البيع الا ترى ان بعد الإقالة وجب على كل واحد منهما رد ما في يده على صاحبه فكان هلاك البيع بعد الإقالة قبل القبض كهلاكه بعد البيع قبل القبض فإنه يوجب بطلان البيع كذا هذا سواء بقي الثمن أو هلك لأنه إذا لم يتعين فقيامه وهلاكه بمنزلة واحدة كذا إذا كان المبيع عبدين وتقابضا ثم هلكا ثم تقايلا أنه لا تصح الإقالة لما ذكرنا أن المعقود عليه إذا هلك لم يبق محل الفسخ بالإقالة وكذا لو كان أحدهما هالكا وقت الإقالة والآخر قائما وصحت الإقالة ثم هلك القائم قبل الرد بطلت الإقالة لأنه هلك المعقود عليه قبل القبض على ما بينا ولو تبايعا عينا بعين وتقابضا ثم هلكت إحداهما في يد مشتريها ثم تقايلا صحت الإقالة وعلى مشترى الهالك قيمة الهالك ان لم يكن له مثل ومثله إن كان له مثل فيسلمه إلى صاحبه ويسترد منه العين لان كل واحد منهما مبيع على حدة لقيام العقد في كل واحد منهما ثم خرج الهالك من أن يكون قيام العقد به فيقوم بالآخر وإذا بقي المبيع بقي محل الفسخ فيصح أو نقول المبيع أحدهما والآخر ثمن إذ المبيع لا بد له من الثمن فإذا هلك أحدهما تعين الهالك للثمن والقائم للمبيع لما فيه من تصحيح العقد وفى القلب افساده فكان التصحيح أولى فبقي البيع ببقاء المبيع فاحتمل الإقالة وكذلك لو تقايلا والعينان قائمتان ثم هلك أحدهما بعد الإقالة قبل الرد لا تبطل الإقالة لان هلاك إحداهما قبل الإقالة لما لم يمنع صحة الإقالة فهلاكها بعد الإقالة لا يمنع بقاءها على الصحة من طريق الأولى لان البقاء أسهل من الابتداء وهذا بخلاف بيع العرض بالعرض انه لا ينعقد بأحد العرضين ابتداء وإذا انعقد بهما ثم هلك أحدهما قبل القبض يبطل البيع لان البيع مبادلة المال بالمال فلا ينعقد بأحد البدلين ويبطل بهلاك أحد العرضين قبل القبض لان كل واحد من العرضين مبيع وهلاك المبيع قبل القبض يبطل البيع (فأما) الإقالة فرفع البيع فتستدعى بقاء حكم البيع وقد بقي ببقاء أحدهما وعلى هذا تخرج إقالة السلم قبل قبض المسلم فيه انها جائزة سواء كان رأس المال دينا أو عينا وسواء كان قائما في يد المسلم إليه أو هالكا لأن المبيع هو المسلم فيه وانه قائم وهذا لان المسلم فيه وإن كان دينا حقيقة فله حكم العين حتى لا يجوز استبداله قبل القبض فكان كالمعقود عليه وانه قائم فوجد شرط صحة الإقالة وإذا صحت فإن كان رأس المال عين مال قائمة رد المسلم إليه بعينه وإن كانت هالكة فإن كان مما له مثل رد مثله وإن كان مما لا مثل له رد قيمته وإن كان دينا رد مثله قائما كان أو هالكا لأنه لا يتعين بالتعيين
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306